لا نحتاج أن ندلل في هذا المقال القصير على أهمية المنهج في العلم وان يكون العلم مستنبطا من خلال قواعد تم تحريرها والتدليل على صحتها ، فإن لكل علم موضوع ومنهج واصطلاح، ومن دون القواعد تكون العملية العلمية عشوائية تسبح في المجهول وقد تنقل الإنسان إلى المجهول بدل المعلوم وإلى الظلام بدل النور ، مع أن مهمة العلم هي إيصال الإنسان إلى الحقيقة.
لذا كانت المحاولات البشرية منذ القدم تقوم في العلوم على أساس المنهج والقواعد ، لذا وضع أرسطو علم المنطق حتى يعصم الذهن الإنساني من الخطأ في المادة والهيئة ، وهكذا انتقلت القضية من الفكر بصورة عامة إلى العلوم خاصة
ولو رجعنا إلى علوم الشريعة الكثيرة واخذنا أهمها وهو علم الفقه نجده قد أسس على بنيان رصين وهو (علم أصول الفقه)فمنذ أئمة أهل البيت في التشيع والإمام الشافعي في التسنن انبثق هذا العلم كأساس وقواعد يرجع اليها في استنباط الأحكام الشرعية ، لذا نجد انهم يعرفونه (بالقواعد الممهدة للحكم الشرعي )لذا من هنا جاءت القاعدة الأصولية في قبال الفقهية ، بل نجد أن السيد محمد باقر الصدر يعبر عن علم أصول الفقه ب (منطق الفقه )فكما يلعب المنطق دورا أساسيا في الفكر يلعب أصول الفقه دورا أساسيا في الفقه.
علم الكلام هل يحتاج إلى قواعد
من هنا جاء الدور على العلم الأهم في علوم الدين ألا وهو علم الكلام لأنه بحسب الكثير من العلماء اشرف علم (لأنه يدرس أشرف معلوم)وهو الله وصفاته وافعاله ، من هنا كانت الحاجة ملحة إلى تأسيس علم قواعد الكلام.
لذا كتب علماؤنا منذ القدم حول هذه القضية فنجد أن الخواجة نصير الدين الطوسي رحمه الله قد ألف كتابا حول الموضوع واسماه (قواعد العقائد)وقد شرحه العلامة الحلي رحمه الله ، وقد كان يُدرس في الحوزات العلمية وممن اعتنى به الشيخ جعفر سبحاني وتمت طباعته مع مقدمة وتحقيق وهو كتاب نافع جدا لطالب العلم بل لعموم أهل المعرفة
وممن كتب عن الموضوع هو الشيخ العلامة علي الرباني الكيلبيكاني حيث الف كتابا يدرس في معهد الإمام الصادق في حوزة قم ، وقد أسماه (القواعد الكلامية )وممن أيضا اعتنى بالموضوع هو الشيخ حسين الخشن حيث كتب كتابا عن الموضوع كرسالة دكتوراة واسماه (أصول الاستنباط الكلامي )وغيرها من الكتب والدراسات الكثيرة عن الموضوع.
لماذا قواعد علم الكلام
يمكن إبراز أهمية ذلك عبر نقاط
1.لضبط العملية الكلامية حتى لاتكون عشوائية ومن دون منهج وينتقل الطالب فيها من القاعدة إلى المسألة من الكبرى إلى الصغرى كأي عملية علمية صحيحة.
2.خلق المتخصصين في علم الكلام فإنه المتخصص هو من يضبط القاعدة لأمن يحفظ المسألة ، فهل يمكن أن يكون الفقيه فقيها دون قواعد الأصول ؟!
٣.ان القواعد تؤسس للشخصية العلمية بالتالي نبتعد عن القافزين على العلوم ، الذين تزيوا بزي أهل العلم وأخذوا بتكفير الناس ، فمن دون هذه القواعد لاتضبط العملية ويكون علم الكلام نهبا لكل مدعي.
إذن الضرورة العلمية والفكرية والاجتماعية بل والسياسية تحتم علينا التفكير الجدي في تطوير هذا العلم وتدريسه لطلاب العلوم الدينية.
اكثر قراءة