معنى قوله (ع) "حتى أتاك اليقين"
المسألة:
(وعبدتَ الله مُخلصًا حتى أتاكَ اليقين) مقطعٌ من زيارة الإمام الحسين (ع)، فما معنى "حتى أتاك اليقين"؟
الجواب:
ورد مثل هذه الفقرة في زياراتٍ مأثورة عديدة:
منها: ما رواه الكليني بسنده عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي قال: قلتُ لأبي الحسن الرضا (ع): كيف السلام على رسول الله (ص) عند قبره؟ فقال: قل: "السلام على رسول الله، السلام عليك يا حبيب الله السلام عليك يا صفوة الله السلام عليك يا أمين الله، أشهد أنك قد نصحتَ لأمُتكِ وجاهدتَ في سبيل الله وعبدتَه حتى أتاك اليقين .."(1).
ومنها: ما ورد في زيارة أمير المؤمنين (ع) عن أبي الحسن الثالث الهادي قال: يقول: "السلام عليك يا وليَّ الله، أنت أولُ مظلومٍ وأولُ من غُصب حقُّه صبرتَ واحتسبت حتى أتاك اليقين..."(2).
ومنها: ما ورد في زياراتٍ مأثورةٍ عديدة لأبي عبدالله الحسين (ع)، فالمراد من اليقين في كلِّ ذلك هو الموت كما هو عينه المراد من اليقين في قوله تعالى: ﴿وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ﴾(3) أي التزِم عبادةَ ربِّك مدة حياتِك إلى أنْ يأتيَك الموت.
ومنشأُ التعبير عن الموت باليقين: هو أنَّ كلَّ أحدٍ فهو على علمٍ ويقينٍ بحتميَّة المصير إليه، فليس من مؤمنٍ ولا كافرٍ إلا وهو على يقين بأنَّه سيموتُ يومًا ما، فالموتُ هو الأمرُ المستقبليُّ الوحيد الذي لا يشكُّ أحدٌ في حتميَّةِ وقوعه، لذلك صحَّ توصيفُه باليقين أي المُتيقَن.
وقد يكونُ منشأُ التعبير عن الموت باليقين هو أنَّ الانسان بالموت يتجلَّى له عالم الآخرة بالوجدان والمعاينة بعد أن كان إيمانُه به نشأ عن العلم النظري أو الإخبار بالوحي أو بعد أن كان شاكًّا -إذا لم يكن من أهل الايمان- فالموتُ هو القنطرة التى يترتَّب عليها المعاينةُ لعالم الآخرة وجداناً، لذلك ناسب التعبير عن الموت باليقين، إذ هو المَعبَرُ الذي يتعقَّبُه اليقينُ الوجداني، وهذا هو معنى قوله تعالى: ﴿فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ﴾(4).
والحمد لله رب العالمين
الشيخ محمد صنقور
1- الكافي -الشيخ الكليني- ج4 / ص552.
2- الكافي -الشيخ الكليني- ج4 / ص569.
3- سورة الحجر / 99.
4- سورة ق / 22.
اكثر قراءة