akdak

المقالات

قسم الحوزة العلمية

شرف الحُسْنَيَيْن... العلمُ والشَّهادة (نظرة حول كتاب "شهداء الفضيلة" للعلامة الأميني)

406

الشيخ محمد علي خاتم
الملخص (تعرَّض الكاتب في مقالته إلى كتاب "شهداء الفضيلة" للعلامة الأمينيt، الذي يتعرَّض فيه للعلماء الذين نالوا شرف الشَّهادة، وقد قسَّم الكاتبُ مقالته إلى خمسة أقسام بلحاظ الأسباب التي كانت سبباً للشهادة، وذكر حدود أربعين عالماً مبينا بعض جوانب حياتهم باختصار من بين مائة وثلاثين ذكرهم الأميني)  المقدمة لا يخفى ما للعلم من انعكاسات على الفرد والمجتمع، لا سيَّما إذا كان تلقِّي العلم بجدِّ واجتهاد وتأنٍّ وإخلاص. وبعد تلقي العلم الصَّحيح من المنابع السَّليمة يكون الإنسانُ عالماً متقناً، فما عليه سوى أن يطبِّق ما تعلَّمه من علومٍ في سبيل هداية النَّاس بقدر وسعه، مساهماً في تقوية إيمانهم وربطهم بدينهم، رافعاً شعار الدِّفاع عن الدِّين القويم وعن معتقدات المؤمنين، مبيِّناً التباسات الملتبسين ورافعاً لشبهات المشكِّكين. هذا الصِّنف من العلماء هم من امتدحهم الشَّارع المقدَّس في روايات عديدة جدَّاً؛ ففي بعضها يوصفون بالمرابطين في الثَّغر الَّذي يلي إبليس([1])، وأخرى بأنَّهم المنقذون لضعفاء عباد الله([2])، وثالثة بأنَّهم الكافلون لأيتام آل محمَّد([3])، وفي رابعة بيان لمقامهم في الآخرة وأنّهم في الرَّفيق الأعلى([4])، أي: أنَّهم مع النَبيِّين الَّذين يسكنون في الرّفيق الأعلى، وفي خامسة يفضَّلون على العُبَّاد([5]) بدرجات رفيعة ورتب عالية، بل في بعض الرِّوايات فيها تفضيل لهم على المجاهدين في سبيل الله ممَّن جاهد الرُّوم والتُّرك والخزر ألف ألف مرَّة([6])... هذا كلُّه لمن نال فضيلة العلم وكان عاملاً بما يعلم، فما بالك بمن نال كلا الحسنين العلم والشَّهادة، بأنْ كان عالماً وفي ذات الوقت قد نال شرف الشَّهادة لا سيَّما أولئك العلماء الَّذين كانوا يسيرون في طريقها لنيل شرفها، ليكونوا بذلك قد عملوا بوظائفهم على أتمِّ وجهٍ حتَّى خرجوا من الدُّنيا شهداء مدافعين عن دين الله وأهله. في هذه المقالة نستعرض نماذج من علمائنا الأعلام الَّذين نالوا شرف الحسنيين، مستفيدين من الكتاب القيِّم الموسوم باسم (شهداء الفضيلة) للشَّيخ عبد الحسين الأمينيِّ النَّجفيِّ¤ المُتوفَّى سنة 1390هـ في يوم الجمعة في الثَّامن والعشرين من ربيع الأوّل، وهو كتاب يتضمَّن تراجم شهدائنا الأعلام –ممَّن ظفر بتراجمتهم وعرفهم([7])- من القرن الرَّابع الهجريِّ إلى القرن الرَّابع عشر وتعدادهم في الكتاب مائة وثلاثون شهيداً من العلماء، وفي ضمن ترجمة بعضهم كان يترجم لبعض الأعيان والسَّادة الشُّرفاء الَّذين نالوا شرف الشَّهادة من غير العلماء. أمَّا عن سبب تركه العلماء الشَّهداء "في القرون الثَّلاث الأولى من الهجرة المقدَّسة؛ [لأنّه] قد دوِّنت أخبارهم في المعاجم الكثيرة". وسنسير في هذه المقالة على غير ترتيب المصنِّف في الكتاب في عرض الشَّخصيَّات؛ لأنَّا سننتخب من العلماء الأعلام الذين ذكرهم المصنِّف بتصنيف سبب شهادتهم ونوع الجهاد الَّذي كانوا يمارسونه، وعدد من انتخبناهم هو نيف وأربعون عالماً مع استعراض خلاصة لحياتهم المباركة، ووزَّعناهم على عناوين خمسة: وسنبتدئ بالشَّهادة بالقتال في الجبهات.  ثمَّ الشَّهادة بسبب كلمة الحقّ. ثمَّ الشَّهادة بسبب مناكفة الباطل.  ثمَّ الشَّهادة بسبب المعتقد الحقِّ والعداء المذهبيِّ. ثمَّ الشَّهادة بسبب العلم والعمل به وبسط اليد. الأوَّل: شهداء القتال في الجبهات  نصدِّر بهذا القسم؛ للالتفات إلى حضور العلماء في سوح القتال، وأنَّ حضورهم لم يكن يثنيهم عن العلم والاستمرار فيه وطلبه، كما أنَّ مقاماتهم العالية في العلم وتصدُّرهم الزَّعامة الدِّينية والمكانة الرَّفيعة لم تثنهم عن أن يخالطوا أهل الجبهات، فيحملوا السِّلاح إذا ما دعت الحاجة إلى ذلك، ومن العلماء من سلم من القتل في جبهات القتال، كأمثال آقا نور الدِّين العراقيّ حيث كان يكتب تفسيراً للقرآن وهو في جبهة القتال كما نقل عنه. ومنهم من استشهد فنال شرف الحسنين نذكر منهم: العلَّامة السَّعيد المولى علي الزَّنجانيّ  استشهد سنة 1136هـ عند تهاجم العثمانيِّين على إيران وتواطئهم مع الرُّوس على تقسيم بلادها، وكان قد حكَم علماء القسطنطينيَّة بكفر الشِّيعة، وأنَّ بلادهم بلاد حرب، فيجب قتل رجالهم وسبي نسائهم وذراريهم... استشهد مدافعاً عن زنجان، وكان قائداً لأهل زنجان فدارت رحى الحرب حتَّى استشهد فيها. العلم الحجَّة الشَّيخ زين بن الشَّيخ خليل الأنصاري الخزرجي العاملي  من شيعة عاملة، رحل إلى النَّجف طلباً للعلم، وبقي فيها خمسة عشر سنة درس فيها على يد الميرزا علي كني والسَّيِّد بحر العلوم، حتَّى طلبه أهل عامل لإرشادهم، وشجَّعه أستاذُه السَّيِّد بحر العلوم على ذلك، فرجع واستقبله أهل عامل استقبالاً فخماً لم تشهد البلاد مثله... فكان يجلس في المسجد يوميَّاً للقضاء والفتيا وغير ذلك.. حتَّى قتله الجزَّار أحمد شاهسنة 1211هـ، وأحرق جثَّته واستولى على مكتبته الَّتي تنيف مجلداتها على 3000 مجلَّد وأحرقها... بقي منها كتاب الذَّريعة. العالم المجاهد الحاج المولى رضا الاسترابادي  من أعاظم رؤساء الدِّين وأهل الفتوى.. كان يجاهد في تكمانستان حتَّى استشهد ببغيهم. العالم الجليل السَّيِّد عبد الباقي  عالمٌ جليلٌ زاهدٌ ورع، كان محفله مجمع الفضلاء والأمراء.. تزعَّم المناصب العليا.. استشهد في واقعة محاربة ملك الرُّوم 920هـ في أذربيجان. الصَّدر الكبير الأمير السَّيِّد شريف علي بن الأمير تاج الدِّين  استراباديّ الأصل شيرازيّ المنشأ.. عرف بنشر مبادئ الإماميَّة والدِّعاية إليها.. قتل في معسكر السُّلطان شاه إسماعيل الصَّفوي سنة 920هـ، في معركة بين السُّلطان شاه إسماعيل الصَّفوي وبين السُّلطان سليم ملك الرُّوم. الفقيه المتكلِّم المولى عبد الصَّمد الهمدانيّ  نزيل كربلاء، وهو تلميذ المروِّج البهبهاني وصاحب الرِّياض، وهو متضلِّع في الفقه والأصول واللغة، استشهد في كربلاء بهجمة الوهَّابيِّين على كربلاء المشرَّفة، فأخرجوه بالحيل من داره يوم الغدير وقتلوه سنة 1216هـ. العلَّامة الشَّيخ محمَّد حسين الأعسم([8])   عالمٌ فاضل... قتل في حسكة تسمَّى اليوم بالدّغارة في يوم عاشوراء, وهو يقرأ مقتل الإمام سنة1288هـ على يد أحد الجنود الأتراك ونقلت جنازته إلى النَّجف ودفن بها. الثّاني: الاستشهاد بسبب كلمة الحقِّ لقول الحقِّ فضلٌ كبير جدَّاً، والرِّوايات دافعة نحو قول الحقِّ من كلِّ أحد، والعلماء أبرز من يخاطب بذلك، لكونهم المتصدِّرين لقيادة المجتمع والمتصدِّرين للمواقع الحسَّاسة من القضاء والفتيا وإصلاح ما بين النَّاس.. وهذا كلُّه يتطلَّب منهم ألَّا يداهنوا أحداً في سبيل تطبيق الدِّين وإرشاد النَّاس إليه، وهذا يستلزم أن يقولوا الحقَّ في الرَّضا والغضب، والشِّدَّة والرَّخاء، وأمام الوضيع العزيز وغيرهم حتَّى لو كان قد يجلب بعض الضَّرر على القائل، كما لو كان أمام السُّلطان الظَّالم،  وكلُّ ظرف يقدَّر بقدره.   العلَّامة الزَّعيم السَّيِّد عبد الله بن السَّيِّد إسماعيل  ولد في النَّجف 1262هـ ودرس فيها على يد المجدِّد الشِّيرازيّ والكوهكمريّ، قتل في سنة 1328هـ؛ لمحاولته تطبيق قوانين الدُّستور بالنَّواميس الدِّينيَّة. العالم البارع الشَّيخ أبو تراب بن الشَّيخ حسين بن الشَّيخ سليمان البحرانيّ الماحوزيّ أخذ العلم في النَّجف لمدَّة 15 عاماً، ثمَّ هبط في بوشهر فعلى كعبُه فيها، وأقام الدِّين والأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر.. قتل على يد خصم كان قد تحاكم عنده فقتله وقتل رضيعه وخصمه. ومثله الشَّيخ الإمام شرف الإسلام زين الدِّين بن الإمام نور الدِّين علي بن أحمد المعروف بـ(الشَّهيد الثَّاني) ولد بشوال 911هـ، هاجر إلى ميس سنة 925هـ، ثمَّ إلى كرك سنة944هـ، ثمَّ جبع سنة934هـ،  ثمَّ دمشق 937،  ثمَّ رجع إلى جبع بعد عام واحد، ثمَّ مصر 942هـ ، ثمَّ رجع إلى جبع 944هـ ،ثمَّ بيت المقدس 948هـ. وكلّ تنقلاته هذ كانت في سبيل طلب العلم في شتَّى المجالات والعلوم، هو أوَّل من صنَّف في دراسة الحديث من الإماميَّة. وورد في سبب استشهاده أنَّه قتل بسبب حكمه بين اثنين لم يرضَ المحكوم عليه، فذهب لأحد قضاة الدَّولة شاكياً مفترياً، ليصدر الأخير الأمر بالقبض عليه سنة 965هـ ، وكان القبض عليه بالمسجد الحرام بعد فراغه من صلاة العصر،  وأخرجوه إلى بعض دور مكَّة وبقي محبوساً هناك شهراً وعشرة أيّام، ثمَّ ساروا به إلى طريق البحر إلى قسطنطينيَّة، وقتلوه بها في تلك السنة، وبقي مطروحاً ثلاثة أيَّام، ثمَّ ألقوا جسده الشَّريف في البحر قدَّس الله روحه. العلَّامة الشَّيخ محمَّد تقي بن آقا باقر الهمدانيّ  عالم متضلّع.. ولد 1263هـ في همدان ودرس فيها، ثمَّ اتَّجه نحو أصفهان وتخَّرج بها مجتهداً مجازاً بالاجتهاد من المولى حسينعلي التّوسكاني، ثمَّ زار النَّجف في عهد الشَّيخ الأنصاريّ، فبعد تردُّدٍ على مجلسه أعجب به وعزم على البقاء والاستفادة عنده، فمكث سنيناً حتَّى صار يقرِّر بحث الأنصاري للطُّلاب.. ثمَّ قفل راجعاً إلى همدان، حاملاً إجازة الاجتهاد من شيخه الأنصاري، حتَّى طلبه شيعة كردستان لتعليمهم، وبعد إلحاح منهم ومن بعض أهل العلم عزم على الذَّهاب إليهم، فأقام عندهم 29 عاماً علماً للمذهب حامياً للدِّين ذابَّاً عن حمى الشَّريعة... حتَّى حسده غيرُ واحدٍ من الأضداد، وكانت نار الحقد تحتدم في صدورهم، حتَّى دارت رحى الفتن راح ضحيتها الشَّيخ سنة 1314هـ بعمر 63 سنة ونهبت داره ومؤلفاته. وكذا علَمُ العِلمِ وعيلَمُ الأدب الحسين مؤيد الدِّين أبو إسماعيل بن علي بن محمَّد بن عبد الصَّمد الإصبهاني من أولاد أبي الأسود الدُّؤلي. وهو ممَّن ارتوى الكلُّ من نمير أدبه السَّائغ واعترف الجميع بعلمه الغزير، فهو فاضلٌ عالمٌ صحيح المذهب قُتِل ظلماً، بعد أن وشى عليه عند الوزير بأنَّه ملحد فقتل! الثّالث: الاستشهاد بسبب مناكفة الباطل فراحوا قتلى على أيدي الملاحدة والَّتيارات الباطلة هذا الدَّور العظيم وهو الوقوف في وجه الانحراف، وكلِّ ما يمكن أن يفتَّ في عقيدة المجتمع، ويبعدهم عن المعتقد النَّاصع بنشر الشُّبهات والانحراف من التَّيارات، وإيجاد ما يحلِّل أخلاقهم ويحرفهم عن السُّلوك القويم.. فإذا ظهرت البدع فعلى العالم أن يظهر علمَه وإلَّا فعليه لعنة الله، وسلب نور الإيمان من قلبه... والوقوف أمام التَّيارات الباطلة والمنحرفة، يعتبر واحداً من أهمِّ الأعمال الَّتي يقوم بها العلماء، ومنهم من يفرِّغ نفسه في سبيل أن يقف على منافذ الشبهات ومواطن دخول الانحرافات الفكريَّة والسُّلوكيَّة، وهنا نشير إلى بعض النَّماذج العلمائيَّة الَّذين لم تأخذهم في الله لومة لائم، فجزاهم الله عن الإسلام وأهله خير الجزاء.   علَّامة النَّحو والأدب أبو الحسين ثابت بن أسلم بن عبد الوهَّاب الحلبيّ  هو أحد نوابغ النَّحو والأدب، من علماء حلب الشِّيعة، كتب كتاباً حول الإسماعيليَّة يكشف عوراتهم وابتذاء دعوتهم، فقالوا بأنَّه يفسد الدَّعوة، فحُمل إلى مصر فصلب سنة460هـ. العلَّامة الورع المولى محمَّد تقي البرغانيّ القزوينيّ مثالٌ للفقه والتُّقى، ولد في برغان إحدى قرى الرَّيّ، فدرس على علماء قزوين، ثمَّ اتَّجه نحو قم المشرَّفة، وحضر فيها بحث العلَّامة المحقِّق الميرزا القمِّي، ثمَّ هاجر لأصفهان، ثمَّ كربلاء وحضر بحث صاحب الرِّياض. قضى ساجداً شهيداً في محراب المسجد على يد الفئة الضَّالة البابليَّة في قزوين، والسَّبب هو منابذته لهم والحكم بتكفيرهم، والرَّدّ على ضلالهم على رؤوس الأشهاد فلمَّا كان هذا يبهضهم عزموا على قتله.. فبينما كان يقرأ المناجاة الخمسة عشر طعنوه بالرُّمح على رقبته، وثنَّوه بطعنة أخرى، فرفع رأسه من السُّجود وهو يقول: لم تقتلوني!. فأتته طعنة ثالثة على فمه الشَّريف، فأثخنوه بجراحاتٍ ثمَّان، فبادر الخروج عن المسجد حذراً من تلويثه بالدَّم، فسقط مغشيَّاً عليه عند الباب، فحمل إلى داره ليقضي بعد يومين، فما كان يقدر على الكلام للجرح في فمِه، ولكنَّه كان يكثر من ذكر عطش الحسين ويبكي، حتَّى توفّي 1264هـ ودفن بجوار البقعة المعروفة بـ شاهزاده حسين. العلَّامة السَّيِّد غلام رضا الخراسانيّ البيرجنديّ   أخذ العلم في شبابه بخراسان، ثمَّ أصفهان فرجع بعد أن بلغ غايته من العلم إلى مسقط رأسه، ثمَّ غادر إلى بيرجند حيث استقبله أهلها استقبالاً باهراً، فاشتغل فيها بالتَّدريس والقضاء والإمامة، حتَّى نهض بإقامة الحدود، إلى أن ظهرت فتنةٌ تحمِّلَ السَّيِّد إيضاح غوائلها.. حتَّى قتل مسموماً سنة1270هـ على يد بعض البابيَّة. العلم الحجَّة الحاج الشَّيخ فضل الله بن المولى عباس النُّوريّ شهيد الانقلاب الدُّستوريّ بطهران 1327هـ شيخ الإسلام وعلَمُ العِلْمِ والدِّين، وأكبر زعيم روحيّ بطهران، ولد سنة 1258هـ، فهاجر إلى النَّجف وبقي فيها ردحاً من الزَّمن، ومن ثمَّ تحوَّل إلى سامرّاء سنة1292هـ ، وبعد سنين من حضوره درس المجدِّد الشِّيرازيّ رجع إلى طهران ليكون إماماً وقائداً روحيَّاً وزعيماً دينيَّاً.. حتَّى جابَهَ الإلحادَ والمنكرَ زمناً طويلاً، فمضى شهيداً بيد الظُّلم والعدوان ضحيَّة الدَّعوة إلى الله وضحيَّة الدِّين، ضحيَّة النَّهي عن المنكر.. سنة1327هـ حيث حُكم بشنقه ودفن في قم. له "الصَّحيفة المهدويَّة". ممَّن  قتلتهم الملاحدة: *العلَّامة الحجَّة الشَّيخ عبد الكريم بن الحسن أبو زرعة بن علي بن إبراهيم بن علي بن أحمد الكرجيّ القزوينيّ من علماء قزوين وكان من أئمَّة الفقه والحديث والأدب، له القدح الأعلى في المزايا الرُّوحيَّة، وهو ممَّن عاش سعيداً ومات شهيداً، قتلته الملاحدة سنة498. *الشَّيخ المحدِّث الجليل الحسن بن عبد الكريم بن الحسن المعروف بأبي زرعة هو ووالده من العلماء الأعلام ومن الشُّهداء الكرام. قتله الملاحدة بأبهر سنة529هـ بعد 31سنة من شهادة والده. * الإمام العلَّامة أبو المحاسن عبد الواحد بن إسماعيل بن أحمد بن محمَّد الرّوياني الطَّبري ولد في 415أو 416هـ ، واستشهد في 501أو 502هـ ، وهو أحد أئمَّة العلم والحديث... كان شديد التَّقيَّة، حتَّى حَسِب أهل العامّة أنّه منهم وكونه شافعيَّ المذهب.  هو من علماء حلب لمّا ذهب إلى قزوين أخذ يطعن في الطّائفة الباطنيّة، فقتلوه غيلة بآمل طبرستان؛ لأنَّه أوَّل من أفتى بإلحادهم وأمر النَّاس بالابتعاد والتَّجنُّب عنهم، وكان مقتله يوم الجمعة في الجامع عند ارتفاع النَّهار في الحادي عشر من المحرَّم، فقتل بسبب التَّعصُّب والجهل. *العالم الفاضل آقا حسين المسهَّديّ توفَّي مقتولاً شهيداً سنة 1110هـ ، أراد قتله الحاكم لتركه الأكل في إناء الذّهب؛ حيث كان يفرِّغ الطَّعام منه على الخبز ثمَّ يأكله. *العلَّامة الشَّيخ عبد الغني البادكويي  درس عند الفاضل الأيرواني والميرزا الرَّشتي حبيب الله في النَّجف، ثمَّ قفل إلى بادكوبه موطنه، فنشر العلم والدِّين فيها، رغم كون الغالب والسَّائد هي قوى الكفر، فقتل في بادكوبه بعد سجنه لأربعة أشهر سنة 1350هـ. الرَّابع: الاستشهاد بسبب المعتقد الحقِّ والعداء المذهبيّ لا شكَّ بأنَّ التَّعصُّب إلى الحقِّ أمرٌ محمود والتَّعصُّب إلى الباطل أمرٌ مذموم، ومن الممدوح التَّعصُّب إلى الدِّين النَّاشيء من العلم والمعرفة السَّليمة، بينما  إذا كان التَّعصُّب ناشئاً عن الجهل والحقد فإنَّه يعمي عن الحقيقة، ويكون المتعصِّب مخالفاً لأبسط البديهيَّات العقليَّة والدِّينيَّة؛ ولذا قد يهتدي المتعصِّبون بالاستعانة بشياطينهم إلى الطُّرق المقبولة شرعاً وقانوناً؛ ليتحايلوا بها في سبيل إظهار نتائج عصبيَّتهم العمياء المقيتة، وقد لا يهتدون فيظهر تعصُّبهم وعنادهم؛ ليفضح زيف دعاويهم بالتزامهم بالشَّرع والعقل، وهنا نذكر بعض النَّماذج العلمائيَّة الَّتي راحت ضحيَّة التَّعصُّب المقيت: العالم البارع الشَّيخ علي بن الشَّيخ عبد الله بن رمضان الإحسائيّ قتل شهيداً في الأحساء على يد الوهابيين. العالم التَّقيَّ الشَّيخ صالح العسيليّ  من علماء جبل عامل تلميذ بحر العلوم.. قتلَه الجزَّار أحمد شاه سنة1208هـ ؛ لما شهد عليه خمسون قسامة بأنَّه يسبُّ الشَّيخين. الفقيه الصّالح الشَّيخ محمَّد الصّيمريّ النّعيميّ البلاديّ مولداً ومنشأً ومسكناً  فقيه عابد صالح توفِّي في القطيف سنة 1130هـ ؛ متأثِّراً بجراحات على أيدي الخوارج في البحرين؛ عندما قدم إليها؛ لضيق المعيشة في القطيف. وكان عالماً صالحاً ساعياً في حوائج إخوانه شديد الإنكار على الفاسقين.  العلَّامة الأمير زين العابدين الكاشيّ  نزيل مكة والشَّهيد بها، شرَّفه الله بأعظم الشَّرف، وهو إقامة شعار الإسلام وتشييد أرفع بناية يقدِّسها الدِّين وهو تأسيس البيت الحرام.. وكان هناك ممَّن يحقدون عليه؛ لولائه الخاصِّ لأهل بيت العصمة، حتَّى قتل في حرم الله وأمنه، ودفن في لحدٍ هيَّأه لنفسه بالمعلَّى، بمقربة من المولى أمين الاستراباديّ وميرزا محمَّد الاستراباديّ الرِّجالي والشَّيخ محمَّد حفيد الشَّهيد الثَّاني. وسبب قتله هو انتسابه للتَّشيُّع. السَّيِّد العلَّامة محمَّد مؤمن ابن دوست محمَّد الحسيني الاستراباديّ نزيل مكَّة الشَّهيد في الحرم سنة 1088هـ. سبوق في طلب العلم لا يُشقُّ غباره، عالمٌ وبحرُ علمٍ خضمٍّ، وهو من مشايخ صاحب البحار ويعبِّر عنه في البحار بـ السَّيِّد محمَّد... وقصّة استشهاده ترجع إلى الحقد الطَّائفي؛ حيث إنَّ ملحداً جاء ولوَّث البيت الشَّريف بغائط، فشاع الخبر ولم يظفروا بهذا الملحد، فاجتمع خاصَّة أهل مكَّة وفيهم قاضيها، فأوحى إليهم شيطانهم أن يقذفوا الشِّيعة الإماميَّة من نزلاء مكة بهذه التُّهمة، فاتَّفقوا على قتل كلِّ من يصادفوه من الشِّيعة، فدخلوا المسجد فوجدوا خمسة من الشِّيعة منهم السَّيِّد فقتلوه، وتعاهدوا قتل كلِّ من يجدوه من الشِّيعة، وكان صاحب الوسائل هناك في مكّة فخرج إلى اليمن حتَّى تهدأ فورتهم. الشَّيخ الإمام علم الإسلام شمس الملّة والدِّين محمَّد بن الشَّيخ جمال الدِّين مكي بن محمَّد بن حامد بن أحمد العامليّ النّبطيّ([9])  استشهد سنة 786هـ ونعت بالشِّهيد الأوَّل والشَّهيد على الإطلاق. وهو أوّل من اشتهر بهذا اللقب وآثاره اليوم لا يمكن تجاوزها. ولد سنة734هـ واستشهد بعمر52 في سنة 786هـ. هو مع كثرة أسفاره ودقَّة مؤلفاته يعلم أنَّه ممَّن اختاره الله تعالى لتكميل عباده وعمارة بلاده، حتَّى استشهد في قلعة دمشق فقتل بالسَّيف، ثمَّ صُلب، ثمَّ رجُم، ثمَّ أُحرق بالنَّار بفتوى برهان الدِّين المالكيّ وعباد بن جماعة الشَّافعيّ، وتعصُّب جماعة كثيرة بعد أن حبس في القلعة الدِّمشقيَّة سنة كاملة، وسبب حبسه وشاية مغرضة ناشئة من العصبيَّة، والغريب أنَّ هذه الوشاية حصلت على تأييد سبعين من أهل الجبل، عند الإدلاء بشهادتهم على الشَّهيد الأوَّل. وأثبت ذلك أيضاً كتابة ما يقرب من الألف من أهل السَّواحل، من رعاع النَّاس ممن أعماهم التَّعصُّب فانتهزوا كلَّ الفرص لإظهار حقدهم على الشَّهيد. اتّهموا الشَّهيد بالعقائد الباطلة وإباحة الخمر الصرف وغيرها، وأبى الله إلّا أن تبقى كتبه شاهدة على إيمانه وإتقانه وعلمه وإخلاصه، كما أنَّها شاهدة على ظلمهم وافترائهم عليه. الشَّيخ الأجلّ السَّعيد أبو علي الفتال النَّيسابوريّ  صاحب كتاب روضة الواعظين، وهو من مشايخ ابن شهر آشوب. عرف بعلمه الغزير، وكان خطيباً مصقعاً واعظاً بأقواله وأفعاله، وقد حاز ثقة الكلِّ، وله كتاب النُّوير في التَّفسير. قتله أبو المحاسن عبد الرَّزاق رئيس نيسابور على التَّشيُّع بأمر من رئيس نيسابور. العلَّامة الحبر الشَّيخ حسن بن سلمان بن الحبر الأستاذ أبو علي النافعي الأنطاكي المصريّ  عالمٌ قاضلٌ أديبٌ وشيخ القراء في مصر، أظهر رفضه فقتله الحاكم العبيديّ 399هـ. العلَّامة الشَّيخ أبو الفضل بن الشَّيخ المبارك بن الشَّيخ خضر من مشاهير علماء القارَّة الهنديَّة من الشِّيعة، وإن انحدر عن آباء متصوِّفة، ولتشيُّعه كان ينافره المتعصِّبون ممَّن لم يكونوا على مذهبه. ولد في سنة 957هـ حتَّى قتل سنة 1011هـ على التَّشيُّع؛ وذلك بنزال طُعِن فيه برمح وقُطع رأسه وأهدي إلى بعض الحاقدين.  النَّحويّ الشّاعر محمَّد أبو القاسم أو أبو الحسن بن هاني الأندلسيّ ولد سنة 366هـ وقتل في سنة362هـ حيث وجد مخنوقاً، وقيل بأنَّه قتل في طريقه إلى المغرب، وكان من أمهر الشُّعراء في زمانه، حتَّى قيل فيه (إن تكن فارساً فكن كعليِّ أو تكن شاعراً فكن كابن هاني) كان من المتجاهرين بالتَّشيُّع؛ فقُتل عليه وعلى ولائه الخالص.   أبو الحسن التُّهاميّ([10]) علي بن محمَّد بن الحسن ين محمَّد بن عبد العزيز العامليّ الشَّاميّ  كان من النَّاهضين لنشر الأدب، وله في العلم قننٌ([11]) راسية وقدم راسخة، غير أنَّ تعريف الأدباء إليه بأدبه الباهر غطَّى ذكرَه العلميّ. وصل إلى مصر متخفِّياً، فلمَّا انكشف حاله اعتقلوه وسجنوه في سجنٍ بالقاهرة سنة 416هـ ، وقتل على التَّشيُّع في سجنه سرَّاً. وهو القائل في رثاء ولده الصَّغير:  جاورتُ أعدائي وجاور ربَّه     شتَّان بين جواره وجواري   وله القصيدة المعروفة:  حكم المنيَّة في البريَّة جاري     ماهذه الدُّنيا بدار قرار   وفيها         يا كوكباً ما كان أقصر عمره     وكذاك عمر كواكب الأسحار   المولى الفقيه شهاب الدِّين التُّستريّ  سمِّي بالشَّهيد الثَّالث، استشهد على التَّشيُّع والولاء سنة 997هـ ببخارا وأحرق جسده في ميدانها، وقد قتل بالخناجر؛ نتيجة غلبته عليهم بالمناظرات، ولم يقدروا على مجابهته، فقالوا لا بدَّ أن يُقتل من كان مخالفاً لمذهبنا، ويُجتنب عن مباحثته؛ لئلَّا يصير باعثاً لإخلال العوام، فقالوا بأنَّه رئيس الرَّافضة فقتلوه، مع أنَّه كفَّ نفسه عن مناظرتهم ومع ذلك لم ينجِّه ذلك. الشَّيخ الجليل ملا أحمد الهنديّ التّهتهني  من أعيان الشِّيعة في الهند. قتل على التَّشيُّع، فاغتيل ليلاً بالخناجر، فمات متأثِّراً بجراحاته بعد أيّامٍ سنة 997هـ، والقاتل هو فولادبرلاس أحد قوَّاد أكبر شاه، فانتقم منه السُّلطان بأن أمر بشدِّه برجل الفيل فجُرَّ في الأزقَّة بلاهور، حتَّى هلك قبل الشَّهيد بثلاثة أيام، فوضع الحرس على قبر الشَّهيد؛ كي لا يُنبش، فلمّا خرج جيش السُّلطان عن لاهور أخرجته زبانية الأحقاد فأحرقوا جثَّته. السَّيِّد الإمام العلَّامة ضياء الدِّين القاضي هو صاحب كتاب إحقاق الحقِّ وإزهاق الباطل وكتاب مجالس المؤمنين، ولد سنة 956هـ واستشهد في سنة 1019هـ، هبط بلاد الهند، فنشر فيها الدّعوة، وأقام الحدود، هو من أكابر علماء العهد الصَّفويّ ومن معاصري الشَّيخ البهائيّ.  درس في تُسْتَر، وقد دلَّ على علمه كتبه الثَّمينة وآثاره القيِّمة، كان قاضي القضاة في الهند وكان قد اشترط أن يقضي بمؤدَّى اجتهاده، على ألَّا يخرج عن المذاهب الأربعة، فلم يكن يرى انسداد باب الاجتهاد، فصار يقضي ويحكم حتَّى قضى السُّلطان نحبَه، ولمَّا قام ابنه مقامه وُشي عليه بعدم التزامه بأحد المذاهب، فالتمسوا الحيلة؛ لإثبات تشيُّعه حتَّى حكم بقتله..، فكان منهم أن رغَّبوا واحداً أن يتتلمذ عنده، ويظهر أمره الخفيّ فالتزمه مدَّة، حتَّى وقف على كتابه مجالس المؤمنين وأخذه بالإلحاح واستنسخه، وعرضه على أصحابه ووشوا به إلى السُّلطان، فلم يزل القتَّاتون ينحتون له كلَّ يوم ما يشين سمعته عند السُّلطان، حتَّى أحموا غضبه، وأثبتوا عنده استحقاقه الحدَّ كذباً وزوراً، وأنَّه يضرب بالسِّياط كميّة معيّنة، ففوّض ذلك إليهم، فبادر علماء السُّوء إلى ذلك، حتَّى قضى المترجم تحت السِّياط شهيداً على التَّشيُّع في أكبر آباد في الهند...، وقبره شاهد في  أكبرآباد يزاك. الخامس: الاستشهاد بسبب العلم والعمل به وبسط اليد العالم يعمل بعلمه، فمن عمل بما يعلم علَّمه اللهُ ما لا يعلم، ومن وظائف العالم أن يرشد النَّاس ويعلِّمهم؛ فهذه وظيفةٌ من الأنبياء والأوصياء موكولة إليه، فإذا ما قدر على أن يبسط رقعته وسعته؛ كي ينشر العلم ويرشد القدر الأكبر من النَّاس فإنَّ هذا لهو نورٌ على نورِ علمِه.. ومع أنَّه يمارس دوره كعالم؛ فإنَّ ذلك حتماً لا يروق للجهلة من النَّاس وأعداء العلم والحسَّاد، فما إن يروا عالماً يبزر بعلمه إلَّا كالوا له الحقد والحسد، وسعوا في إسقاطه، بدلاً من اتِّباعه والأخذ من علمه، وهنا نماذج من العلماء ممَّن عملوا ونشروا الدِّين ولم يقبل بذلك الجهلة والمغرضون: الملك الصَّالح فارس المسلمين نصير الدِّين أبو الغارات طلائع جمع الله له الدُّنيا والآخرة، فكان والياً على مصر، وكان ذلك بعد أن قتل الوزير واليها وهو نصر بن العبَّاس، استثارت نساءُ القصر طلائعَ لأخذ الثَّار بكتاب فيه طيَّة شعورهنّ، فحشَّد طلائعُ  النَّاس؛ انتقاماً من الوزير القاتل، فلمّا قرب من القاهرة كان الوزير قد فرَّ منها ودخل طلائعُ بسلام، فخلعت عليه خلع الوزارة، فصار يلقَّب بالملك الصَّالح وفارس المسلمين، فنشر الأمن، وأحسن السِّيرة، فقويت شوكته وعظم شأنه، ولم يرق ذلك لأهل القصر، فوقف رجال منهم في الدِّهليز، وضربوه بأسيافهم، حتَّى خرَّ على وجهه، فقضى من جراحاته في التَّاسع عشر من شهر رمضان سنة556هـ ودفن في القاهرة. كان في تلك الليلة قد ذكر ضربة أمير المؤمنين، وأمر بقراءة مقتله، ثمَّ اغتسل وصلَّى مائة وعشرين ركعة، أحيى بها الليل، ثمَّ خرج ليركب فسقط وسقطت عمامته، فاضطرب لذلك وجلس في دهليز دار الوزارة فأحضر من يلفُّ عمائم الخلفاء والوزراء؛ كي يصلح عمامته فكان ما جرى عليه. الحافظ بديع الزَّمان أحمد بن الحسين بن يحيى بن سعيد الهمدانيّ  عالم أديب مفوَّه خطيبٌ مصقع.. حلَّ من البلاغة وسطاً، فردَّ شاردها وكبح جماحها، وتقدَّم في فنون لم يزل أبو عذرها، وله فضل السَّبق على مثل الحريريّ..، عرف بالأدب الفائق والمقامات البديعة، فأخفى ذلك صيت علمه الغزير، وهو من الشِّيعة الإماميَّة كما نصَّ هو نفسه بذلك وغيره أيضاً. صاحب حفظ قويٍّ، فينشد القصيدة الكبيرة الَّتي لم يسمعها قطُّ، فيحفظها من غير نقص..، وينظر في أوراق أربعة أو خمسة من كتاب نظرة خفيفة فيحفظها ويعيها...  ولد في همدان 353هـ فهاجر إلى نيسابور 380هـ وأقام بها حتَّى استشهد مسموماً سنة398هـ بعمر 45 سنة. علَمُ العلمِ وعيلَمُ الأدب الحسين مؤيَّد الدِّين أبو إسماعيل بن علي بن محمَّد بن عبد الصَّمد الأصبهانيّ، وهو من أولاد أبي الأسود الدُّؤلي الشَّهير بالطَّغراني هو ممَّن ارتوى الكلُّ من نمير علمه السَّائغ، واعترف الجميع بعلمه الغزير، فهو فاضل عالم صحيح المذهب، قتل مظلوماً؛ وذلك بعد أن وُشي عليه عند الوزير بأنَّه ملحد! فقُتل!!؛ وذلك لأنَّ السُّلطان كان معجباً به ويتقرَّب إليه، فعمدوا إلى التَّخلُّص منه بهذه الحيلة. وكان ذلك سنة 518هـ عن عمر 75 سنة. السَّيِّد الفاضل الأمير غياث الدِّين محمَّد الهرويّ الرَّازيّ  درس في هراة، ثمَّ تقلَّد منصب الصَّدارة والأمارة في بلدة خراسان. قتل بوشاية من بعض من يبغي الفساد، فاستشهد سنة 927هـ بعد أن كانت له الصَّدارة والأمر والنَّهي في جمع الأمور والمهمَّات الشَّرعيَّة..، وكان كلَّما ازداد نفوذه في تلك الدِّيار اضطرمت نار الحقد والعداء من قاتله أمير خان. وكان عمره عند استشهاده 56سنة. العلَّامة الخطيب المولى سلطان حسين بن المولى سلطان محمَّد الواعظ الاستراباديّ  عالم وخطيب مفوَّه وفقيه محدِّث، ومتكلِّم بارع، من تلامذة الشَّيخ البهائيّ، ولد في 995هـ واستشهد مذبوحاً سنة 1078هـ ، وسبب قتله هو علمه النَّاجح وتشيُّعه الظَّاهر وولاؤه الخالص وبيانه الشَّافي. العلَّامة ميرزا محمَّد حسين بن ميرزا المشهور بيبر  كان ذا حسن ومهابة وجلال ونباهة، فهمَّ النَّادر بقتله؛ لما شاهد منه ذلك، وكان لا يتمكَّن من قتله وهو قاضٍ، فنزَّله إلى منصب رئاسة أصبهان، فقتله بعد سنة. وكان ذلك في عام 1159هـ. هذا نزر يسير من علمائنا الأعلام، ممَّن حاز شرف العلم وشرف الشَّهادة، فلهم أعلى الدَّرجات في الدُّنيا والآخرة، ونسأل الباري! بأن يمنَّ علينا بالحُسْنَيَيْن كما منَّ عليهم، فهذه الأنفاس يوماً ستنقطع وتتوقَّف، فاجعلها اللهمَّ مختومة بأشرف ما تكرمنا به يا ربَّ العالمين.   ([1]) عن الإمام الصادقg: >علماء شيعتنا مرابطون في الثّغر الَّذي يلي إبليس وعفاريته، يمنعونهم عن الخروج على ضعفاء شيعتنا، وعن أن يتسلّط عليهم إبليس وشيعته النَّواصب، ألا فمن انتصب لذلك من شيعتنا كان أفضل ممَّن جاهد الرّوم والتُّرك والخزر ألف ألف مرَّة، لأنّه يدفع عن أديان محبِّينا، وذلك يدفع عن أبدانهم<. انظر: الاحتجاج، الشَّيخ الطَّبرسي، ج2، ص155. ([2]) عن الإمام علي بن محمَّد الهاديg أنّه قال: >لولا من يبقى بعد غيبة قائمكمl من العلماء الدَّاعين إليه، والدَّالِّين عليه، والذَّابين عن دينه بحجج الله والمنقذين لضعفاء عباد الله من شباك إبليس ومردته، ومن فخاخ النَّواصب، لما بقي أحدٌ إلَّا ارتدَّ عن عن دين الله، ولكنَّهم الَّذين يمسكون أزمّة قلوب ضعفاء الشِّيعة كما يمسك صاحب السَّفينة سكانها، أوّلئك هم الأفضلون عند الله عزّ وجلّ<. انظر: الاحتجاج، الشَّيخ الطَّبرسي، ج2، ص260. ([3]) عن الإمام الرِّضاg: >يقال للعابد يوم القيامة، نعم الرَّجل كنتَ همَّتك ذات نفسك وكفيتَ النَّاس مؤنتك. فادخل الجنَّة. إلَّا أنّ الفقيه من أفاض على النَّاس خيره، وأنقذهم من أعدائهم، ووفّر عليهم نعم جنان الله وحصّل لهم رضوان الله تعالى، ويقال للفقيه: يا أيَّها الكافل لأيتام آل محمَّدK الهادي لضعفاء محبِّيهم ومواليهم قف تشفَّع لكلِّ من أخذ عنك، أو تعلَّم منك. فيقف، فيُدخل الجنَّة معه فئاماً وفئاماً وفئاماً< انظر: عوالي اللئالئ، ابن أبي جمهور الإحسائي، ج1، ص19. ([4]) عن رسول الله f أنّه قال: >أشدّ من يتم اليتيم الَّذي انقطع من أمّه وأبيه يُتم يتيم انقطع عن إمامه ولا يقدر على الوصول إليه ولا يدري كيف حكمه فيما يبتلى به من شرائع دينه، ألا فمن كان من شيعتنا عالماً بعلومنا، وهذا الجاهل بشريعتنا المنقطع عن مشاهدتنا يتيم في حجره، ألا فمن هداه وأرشده وعلّمه شريعتنا كان معنا في الرفيق الأعلى<. انظر: عوالي اللئالئ، ابن أبي جمهور الإحسائي، ج1، ص16.  ([5]) عن الإمام الكاظمg: >فقيه واحد ينقذ يتيماً واحداً من أيتامنا، المنقطعين عنّا وعن مشاهدتنا بتعليم ما هو محتاج إليه، أشدّ على إبليس من ألف عابد؛ لأنّ العابد همّه ذات نفسه فقط، وهذا همّه مع ذات نفسه ذات عباد الله وأماءه، ينقذهم من يد إبليس ومردته فلذلك هو أفضل من ألف ألف عابد وألف ألف عابدة< انظر: عوالي اللئالئ، ابن أبي جمهور الإحسائي، ج1، ص16. ([6]) انظر حاشية رقم (1). ([7]) لا شكَّ أنَّ هناك من العلماء الشُّهداء ممَّن لم يظفر بهم المصنّف؛ لقصور الأدوات آنذاك ولكثرة العلماء في البلاد، منهم الشَّيخ أيوب البوريّ البحرانيّ المستشهد في 1010هـ في مصر على يد عدد من الطَّائفيِّين. انظر: أعلام الثَّقافة الإسلاميَّة في البحرين، د. سالم النّويدي، ص174. ([8]) نسبة إلى عسمان وهم فخذ من حرب إحدى القبائل الحجازيَّة. ([9]) نسبة إلى بلاد النّبطيّة من بلاد عامل. ([10]) تهامة اسم مكَّة، وهو منسوب إليها؛ ولذا كان يقال للنَّبيِّ التُّهاميّ؛ لأنَّه مكِّيّ. ([11]) قُنَّة الشَّيء أعلاه.