akdak

المقالات

القسم الاجتماعي

الأنشطة الرياضية المدرسية وصناعة البطل الرياضي

786

نعمان عبد الغني

رغم وجود العديد من النجوم اللامعين في مختلف الرياضات على المستوى المحلي أو الإقليمي إلا أنه باعتزال هذا النجم يختفي ويزول؛ مما يطرح العديدَ من التساؤلات عن أسباب هذا الاختفاء، وهل يرجع للتربيةِ الخاطئة التي ينشأ عليها البطل الرياضي أو أن السبب هو طغيان الجانب المادي على كافةِ الجوانبِ الأخرى؟! مما أفقد الرياضةَ مقوِّمًا أساسيًّا من مقومات وجودها، وهي الأخلاق التي اقترنت بلفظِ الرياضةِ في القولِ الشائع "الأخلاق الرياضية".

فلماذا تفشل الدول العربية والإسلامية في صناعة النجم الرياضي؟ وكيف يمكن لنا أن نصنع بطلاً رياضيًّا يحقق إنجازاتٍ لشعبه ووطنه؟!

في البداية يرى المختصون أنه لِيصبح الرياضيُّ بطلاً لا بد ألا يأخذَه الغرورُ، فصحيح الشخص عندما يُبدِع في شيءٍ فهذا يضيف له ويميزه في مجاله، ولكن إذا كان اللاعب متميزًا في الرياضة فلا بد أن يوقن أن غيرَه متميزٌ في مهنةٍ أخرى وبطلٌ فيها أيضًا، وإنه لكي يخلَّد البطل في الاذهان لا بد أن يبنيَ صفًّا ثانيًا من اللاعبين الموهوبين لكي يذكره الناس بهم، ولا يطغى على المواهب الجديدة حتى لا يكون ذلك كرهًا له لدى الجماهير.

وإن الطريقَ نحو صناعةِ البطل يكون بالكشف المبكِّر عن المواهب، وبعد ذلك هناك مسئوليةٌ اجتماعيةٌ في الأسرةِ والتربيةِ من حيث المتابعة والتوجيه والإرشاد، فالبطل يحتاج إلى تشابكِ العلاقاتِ منذ البدء، وهناك دراسةٌ علميةٌ تتحدَّث عن الكشفِ المبكِّر عن البطلِ، وهي دراسةٌ أكاديميةٌ شارك فيها نخبةٌ من العلماءِ، ودعت إلى إنشاءِ حلقةِ اتصالٍ بينهم، وأن يجوبوا القرى والأرياف والكشف الحقيقي عن البطل المثالي.

وإن صناعةَ البطلِ كذلك تأتي بالتشجيعِ وعدمِ التخاذلِ في دعمِ المتميزين، كما يجب على كل لاعبٍ معرفة أن كل مرحلة لها تميزها وتألقها؛ وإن تميز لاعبًا فلا يكتفي بذلك ويعتزل ويجلس في بيته، بل لا بد أن يتميز أيضًا في مجال التدريب وإنشاء جيلٍ متميزٍ، وبذلك يستمر عطاؤه ويصبح بطلاً.

كما لا بد وأن يمارسَ الرياضةَ منذ الصغر، ويكون عارفا بفلسفةِ الرياضةِ وأهمية اللياقةِ البدنية في الحياة، وإن مكونات البطل هي الأخلاق.. فلا بد أن يكون الرياضي متحليًا بالأخلاقِ والصبر، وأن يكون حليمًا في معاملتِه مع الناس، ولا يستخدم الرياضة في إرهابهم، ويجب على الرياضي أن يراعي أن القوةَ تدفع للغرور.. فلا ينساق وراء قوته البدنية.

البروفسور الكندي استيفان بايي من جامعة فكتوريا ومستشار الاتحاد الانجليزي والاتحاد الايرلندي لكرة القدم والاتحاد الاسترالي للرجبي، يركز على ضرورة الاهتمام بالتخطيط طويل المدى لتطوير اللاعبين الرياضيين وتأثير النواحي الفسيولوجية والبيئية والنفسية والبدنية، والشخصية، والمهارية على اداء الرياضيين. وخاصة ثلاثة جوانب مهمة في عملية بناء الرياضيين في مختلف الألعاب وهي الرياضة المدرسية، رياضة النخبة والرياضة الترويحية، مؤكدا اهمية ارتباط هذه الجوانب الثلاثة والتعامل معها كحزمة واحدة مشيرا الى ان المشكلات التي تُعاني منه الاتحادات والأندية الرياضية تعـود الى عدم التـوازن في رعـاية تلك المـراحـل مع عدم تعيين الكفاءات في العملية الرياضية.

وينتقد القصور في الجوانب الإدارية في الأندية والمنتخبات، موضحاً أن أصحاب القرار فيها يجب أن يتعرفوا على التخطيط والتطوير طويل المدى، الذي يمكن له إظهار بطل عالمي قادر على حصد الميداليات ومنافسة أفضل لاعبي العالم، مبيّنا ان خلق البطل العالمي يحتاج إلى 10 سنوات من التدريب المدروس، فقد أجرت اللجنة الأولمبية الأمريكية دراسة توصلت من خلالها إلى أنها تحتاج 10 سنوات لخلق بطل عالمي، بينما تحتاج 12 سنة ليبدأ البطل إحراز الميداليات على مستوى العالم.

وقد فسر البعض اختفاءَ اللاعبين حاليًا بمجردِ اعتزالهم بأنهم لم يستطيعوا تركَ بصمةٍ لدى الناس، فالرياضي يجب أن يكون قدوةً، والناس لا تحب الشخص غير المحترم، وأشارت بعض الاستبيانات إلى أن الرياضات الفردية بها أبطالٌ متميزون، ولكن لعدم اهتمام الناس بها مثل اهتمامهم بكرة القدم لا يشعر بوجودهم أحد.

الأنشطة الرياضية المدرسية التي تعد من جملة الوسائل الفعالة لتكوين وتربية الناشئة

إن من الضروري النهوض بالرياضة المدرسية لأهميتها ولكونها تشكل حيزا مهما في أركان الرياضة الجزائرية إلا أننا يجب أن لا نلقي باللوم على مدرسي ومعلمي الرياضة المدرسية هؤلاء جميعا يتمنون أن يصيبهم ولو جزء من الدعم والاهتمام والمتابعة لأنهم العمود الفقري والجزء الحيوي المهم في رفع مستوى النشاط الرياضي المدرسي.

فعليه فان إغفال الرياضة المدرسية وإبعادها عن مسيرة الحركة الرياضية المدرسية في الجزائر يعد عملا مأساويا يحرم من خلاله الكثير من الطاقات الشبابية في مدارسنا المختلفة، ولذلك فان الواجب يلزم كل الأطراف المعنية وبدءا من وزارة التربية والمفاصل الإدارية التابعة لها والمعنية بالنشاط الرياضي أن توجه كل اهتماماتها للنشاط المدرسي لكي يأخذ دوره الريادي مع المفاصل الرياضية الأخرى وتكون رافدا مهما للرياضة الجزائرية. إن ممارسة الألعاب المدرسية وديمومتها في الساحات دليل حيوية وحياة بالنسبة للطالب وحتى الهيئات التعليمية والتدريسية لا أن ندع الطلاب يلعبون بحصى صغيرة جدا أو كرات صغيرة. فمن المسؤول والمنقذ والملاذ الأمن للرياضة المدرسية وبراعمها

إن أساس الرياضة في الجزائر هي الرياضة المدرسية التي تعتبر اللبنة الأولى لذا فلا يمكن بناء الرياضة بدون الاعتماد على المدارس وان التعلم الحركي الأول يبدأ من الطفل لكي يتعلم الحركات الأساسية وهناك مقولة (خذوهم صغارا) والتعلم في الصغر كالنقش على الحجر، والبطولات تعتمد على الأعمار الفئوية ودورنا تعليم الأشبال والناشئين والشباب، فمن الضروري وجود كادر تعليمي قادر على بناء جيل رياضي من خلال إشراك المدرسين والمعلمين في دورات لإطلاعهم على آخر القوانين والحركات ويجب ان يكون مدرس ومعلم التربية الرياضية مؤهلا وقادرا على الإبداع وان تكون لديه خلفية رياضية بديهية. وأتمنى أن يؤخذ درس الرياضة على محمل الجد وإعطائه الوقت اللازم وان تدني المستوى العلمي هو نتيجة إهمال درس الرياضة وما يؤثره العامل النفسي على الطالب.

كونها فرصة طيبة للقاء والتواصل والاندماج وتبادل الخبرات وتعلم العادات الصحية وترسيخها لتحقيق توازن نفسي ووجداني لتجنيبهم آفة الانحراف مما يعود بالنفع عليهم لأنها تساعدهم على الدراسة والتحصيل وتجعلهم مواطنين صالحين لأنفسهم ولأسرهم ولمجتمعهم. وهذا الذي يؤكد أن الرياضة المدرسية هي البنية الأساسية للحركة الرياضية التي يجب أن نوليها الاهتمام الأكبر لنضمن لحركتنا الرياضية التطور والانتشار.

أما إذا دخلنا في دهاليز تاريخ الرياضيين المرموقين ومشاهير الرياضة والمتفوقين في العالم في أي لعبة رياضية لوجدنا أن بداية ممارستهم للرياضة كانت في سن مبكرة وتحديداً في مراحل الدراسة الأولية أو الابتدائية، وهنا يتضح لنا جلياً أن "المدرسة" هي الأكاديمية الأولى للنجوم وهي التي تكشف مواهب الرياضيين منذ الصغر فمن خلال المدرسة يستطيع كل ناشئ أن يمارس هوايته الرياضية في أجواء صحية وسليمة، حيث يمكن تطوير هذه الموهبة من مرحلة دراسية إلى أخرى ثم تصقل هذه المواهب من خلال الدورات المدرسية التي تتنافس فيها المدارس على بطولة كل لعبة، وهذا هو الحال في الدول المتقدمة رياضياً التي تأخذ المواهب من المدارس إلى النجومية. وفي عالمنا العربي نجد عدد كبير من النجوم العرب برزوا وعرفتهم الأندية والمنتخبات من خلال الدورات المدرسية.

تعد الرياضة المدرسية الزاوية الأساسية لدفع الحركة الرياضية بجميع ألعابها نحو الأمام، حيث تشكل الرافد الحقيقي والمهم لأنديتنا ولمنتخباتنا الوطنية لكونها تضم الشريحة الواسعة من أبنائنا رجال المستقبل.

وحتى لا تختلط علينا الأوراق نحاول أن نعرف الرياضة المدرسية وأهدافها وهي:

ـ مجموعة الأنشطة الرياضية التي تمارس داخل المؤسسات التعليمية.

ـ الرياضة المدرسية هي تنمية قدرات المتعلمين وصقل مهاراتهم الرياضية وفق الأبعاد التالية:

ـ البعد التربوي الاجتماعي، الحركي الترفيهي، الرياضي، التنموي والاقتصادي، الصحي والوقائي، الإنتمائي للوطن.

ـ انتقاء الموهوبين من الطلبة رياضياً انطلاقاً من مشاركتهم في منافسات رياضة المدارس للمشاركة ضمن الفرق الممثلة في البطولات المدرسية والوطنية والدولية.

ـ النهوض بالتربية الرياضية داخل المؤسسات التعليمية.

ـ تهدف الرياضة المدرسية إلى إكساب الطالب كفاية بدنية وعقلية واجتماعية ونفسية تتناسب ونموه ليتكيف مع الحياة بأقل جهد ممكن.

ـ تزويده بالروح الرياضية والاجتماعية والمهارات الحركية، حيث تعد الرياضة المدرسية الحجر الأساسي في بناء صرح الحضارة والرقي والتقدم.

ـ وتوافر الأساليب اللازمة لاكتساب النمو الحركي والترويحي اللازم لمراحل نموهم.

ـ تشجيع جميع التلاميذ على الممارسة الرياضية المنتظمة مما يكسبهم صحة بدنية ونفسية.

ـ إعداد التلاميذ لمزاولة نشاط رياضي منتظم لترسيخ المفاهيم الصحيحة للحركة ـ أو الفعالية ـ أو اللعبة بعد الانتهاء من المراحل الدراسية وحتى الجامعة.

ـ ربط الصلة بين الرياضة المدرسية والأندية الرياضية للاستفادة من أصحاب الكفاءة والممارسة الواسعة للحصول على نتائج رياضية عالية.

ـ تنظيم الاحتفالات والبطولات المدرسية المحلية والعربية والتي تشكل الفرص الضرورية لصقل مواهب الطلبة وتحسين الممارسة الرياضية.

ـ تمثيل المدرسة في الاحتفالات والبطولات المحلية والوطنية والدولية بغية تطوير الرياضة المدرسية وغيرها من الأهداف الأخرى.

وحتى تستطيع الرياضة المدرسية القيام بمهامها وتحقيق أهدافها تحتاج إلى:

1 ـ إيجاد التمويل المالي أو الجهات الداعمة إن كانت حكومية أو غيرها لتغطية التكاليف الخاصة بتجهيز المعدات الرياضية.

2 ـ تأهيل المدرسين والمعلمين لمواكبة العمل التربوي الرياضي المدرسي.

3 ـ تجهيز الملاعب والساحات الرياضية في المدارس.

4 ـ إعداد قاعات للألعاب وملاعب لكرة القدم.

5 ـ تزويد جميع المدرسين والمعلمين بقوانين كرة القدم والجديد في عالم تدريب الصغار.

6 ـ ضرورة مشاركة المدرسين والمدرسات في الدورات التدريبية والتأهيلية التي تقيمها الاتحادات الرياضية المختلفة.

7 ـ استغلال ساحات وملاعب الأندية الرياضية القريبة من المدارس لتسهيل عملية مشاركة الطلاب في النشاطات الرياضية وخاصة كرة القدم.

8 ـ إقامة منافسات المدارس على مستوي جميع المراحل.

9 ـ الاستفادة من ملاعب الاتحادات والأندية في الفترات الصباحية لإقامة منافسات وأنشطة المدارس.

10ـ تأهيل المدرس المتخصص الذي يقوم بواجبه كاملاً في العناية بالمواهب ورعايتها وتوجيهها بالطريقة الصحيحة.‏

إذا حاولنا أن نستعرض أهمية النشاط الرياضي بصفة عامة أو كرة القدم بصفة خاصة نجد أن البطولات والمباريات والممارسات الرياضية التي تقام سواء كانت المحلية أو الخارجية تتيح للطلاب فرصة الالتقاء والتفاعل الاجتماعي مع أقرانهم وفرصة للتطوير والارتقاء بمواهبهم وقدراتهم الرياضية كما تعمل على تحفيز المعلمين على بذل الجهد في تفعيل الرياضة المدرسية والاهتمام بالفرق الرياضية داخل المدرسة وتبرز لديهم الرغبة في الاطلاع ومتابعة المستجدات في قوانين الألعاب المختلفة. ولذلك تتضح بعض الصور عن تحديد ملامح الأهداف العامة لممارسة النشاط الرياضي المدرسي والتي تتمثل في الآتي:

ـ الاهتمام بالصحة والعناية بالقوام السليم.

ـ تنمية الصفات البدنية لدى الطلاب في ضوء طبيعة الخصائص السنية لديهم.

ـ تعليم وصقل المهارات الحركية المختلفة التي تتناسب مع الإمكانيات والقدرات الجسمية لدي الأطفال أو الشباب.

ـ الاهتمام بالروح الرياضية والسلوك القويم من خلال ممارسة الأنشطة الرياضية.

ـ الإعداد الفني للمنافسات الرياضية بمستوياتها المختلفة.

ـ العمل على نشر الثقافة الرياضية والتحلي بالروح الرياضية الطيبة لدى التلاميذ.

ـ إشباع الميول والاحتياجات الرياضية في إطار التوجيه السليم.

ـ المشاركة في المسابقات الرياضية المختلفة.

ـ العمل على تنظيم الفعاليات الرياضية داخل المدرسة.

ـ تنظيم اللقاءات الرياضية المتبادلة بين المدرسة والمدارس الأخرى.

ـ اكتشاف المواهب الرياضية والعمل على تدريبها وصقلها.

ـ تعزيز اللياقة البدنية لدى الطلبة من خلال ممارسة الأنشطة الرياضية المختلفة.

ـ العمل على إيجاد وإعداد الملاعب والأدوات الرياضية البديلة لتنفيذ النشاط.

ـ التثقيف الرياضي ونشر الوعي بأهمية ممارسة الرياضة من أجل الصحة والتحلي بالأخلاق الرياضية العالية.