أن
«بديع» تعني موجد الشيء بغير سابق وجود، أي أنّ الله أوجد السموات
والأرض بغير أن يسبق ذلك وجود مادة أو خطة سابقة.
هنا يعترض بعضهم بقوله: كيف يمكن
إِيجاد شيء من عدم إنّنا عندما نقول إِنّ الله أوجد الأشياء من
العدم لا نعني أنّ المادة الأولية لخلقها هي «العدم» مثلما نقول:
إِنّ النجار صنع الكرسي من الخشب، فهذا بالطبع مستحيل، لأنّ «العدم»
لا يمكن أن يكون مادة «الوجود».
إِنّما المقصود هو أنّ موجودات
هذا العالم لم تكن موجودة من قبل، ثمّ وجدت، وليس في هذا ما يصعب
فهمه، ونضيف هنا قائلين: إِنّنا قادرون على أن نوجد في أذهاننا
أشياء لم تكن فيها من قبل مطلقاً، ولا شك أنّ لهذه الموجودات
الذهنية نوعاً من الوجود والكينونة، رغم أنّه ليس وجوداً خارجياً،
ولكنّها موجودة في أُفق أذهاننا، وإِذا كان وجود الشيء بعد العدم
مستحيلا، فما الفرق بين الوجود الذهني والوجود الخارجي؟
وبناءً على ذلك فإِنّنا كما
نستطيع أن نخلق في أذهاننا كائنات لم يكن لهم وجود من قبل، كذلك
يفعل الله ذلك في العالم الخارجي، انّ قليلا من التأمل في هذا
المثال أو في الأمثلة التي ضربناها هناك كاف لحل هذه
المسألة.