akdak

المقالات

قسم القرآن الكريم

آراء المفسرين في كلمة «مصر»

1093

الشيخ ناصر مكارم الشيرازي

قال تعالى : {أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ} [البقرة : 61] .

من المفسرين من قال إن المقصود من كلمة «مصر» في الآية الكريمة هو المفهوم العام للمدينة . وقوله سبحانه : (إِهْبِطُوا مِصْراً فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ) ، أي إنكم الآن تعيشون في هذه الصحراء ضمن إطار منهج للإِختبار وبناء الذات ، وليس هذا مكان الأطعمة المتنوعة ، إذهبوا إلى المدن حيث التنوع في المأكولات ، ولكن لا يوجد فيها المنهج المذكور.

ويستدل أصحاب هذا الرأي بأن بني إسرائيل لم يطلبوا العودة إلى «مصر» موطنهم السابق ولم يعودوا إليه إطلاقاً (1).

ومنهم من اختار هذا التّفسير لمصر ، وأضاف إليه أن المقصود من قوله تعالى : (إِهْبِطُوا ...) هو أن بقاءكم في الصحراء واقتصاركم على الطعام الواحد يعودان إلى ضعفكم ، فكونوا أقوياء ، وحاربوا الأعداء ، وحرروا من سيطرتهم مدن الشام والأرض المقدسة ، ليتوفر لكم ما شئتم (2).

وهناك رأي ثالث للمفسرين هو أن المقصود من «مصر» البلد المعروف. ويكون المعنى عندئذ : إنكم في هذه الصحراء الخالية من الأطعمة المتنوعة تملكون الإِيمان والحرية والإِستقلال ، وإن أبيتم إلاّ أن تكون لكم أطعمة متنوعة ، فارجعوا إلى مصر حيث الذل والإِستعباد ، لتأكلوا من فتات موائد الفراعنة. إن مشتهيات بطونكم أنستكم ما كنتم تعانون منه من ذل واستعباد ، وما حصلتم اليوم عليه من حرية ورفعة وافتخار ، وما تتحملونه من حرمان يسير إنما هو ثمن لحريتكم (3).

ويبدو أن التّفسير الأول أنسب من التاليين.
_________________
1. التنوين في كلمة (مصر) دليل على تنكيرها ، وعلى عدم اختصاصها بالأرض المعروفة.
2. تفسير المنار ، وذيل الآية مورد البحث .
3. تفسير في ظلال القران ، ذيل الآية مورد البحث .