akdak

المقالات

قسم الادعية والزيارات

رجال خدموا العتبات المقدسة: الحاج محمد صالح الجوهرجي

225

محمد الحسناوي

أنجبت النجف الأشرف أبناء بررة، رسموا على صفحات الزمن آثاراً خالدة عصية على النسيان، تجدّدها ذاكرة الزمان، اتخذوا من الإخلاص سبيلا لسموّ العمل بنفاذ بصيرة، وعظيم أجر، ودوام المنفعة للأجيال القادمة.
والحاج صالح ابن الشيخ محمد سعيد الصائغ الجوهرجي – صاحب كتاب ضياء الصالحين- من الذين سلكوا أسماءهم ضمن أولئك الخالدين.

هو شخصية نجفية خالدة الذكر ومحببة .. سيما للمجتمع النجفي بصورة خاصة والشيعي بصورة عامة. ينتمي الجوهرجي لأسرة عربية انحدرت من الحجاز، وبالذات من المدينة المنورة ومن مدينة حائل السعودية تحديدا.
هذه الأسرة نزحت الى النجف الأشرف لتجاور مرقد الإمام امير المؤمنين (عليه السلام)وقد اتخذت من الصياغة مهنة لها، لذا اصبحت لقبا تعرف به، وقد برز من بيت الصائغ من السلف الطيب لهذه الأسرة الحاج محمد الامين، وهو اول من طلى بالذهب القبة العلوية والمئذنتين والإيوان، وذلك بتكليف من احد السلاطين بسبب استقامته ونزاهته وأمانته في عمله. ولهذه السمة الطيبة أطلق عليه لقب الأمين.

صاحب الأثر الخالد:
والمرحوم الحاج محمد صالح الجوهرجي هو ابرز رجال هذه الأسرة في القرن العشرين، امتهن تجارة المجوهرات والأحجار الكريمة فضلا عن الصياغة، لذا عرف بالجوهرجي. إلا انه لم يخلف بعد وفاته عقبا يحمل اسمه، ولكنه ترك اثرا خالدا هو طباعته لكتاب ضياء الصالحين الخالد الذكر الذي لا يخلو منه بيت من بيوت الشيعة الإمامية، لما فيه من عظيم المنفعة من ادعية وزيارات وصلوات ومناهج الاعمال العبادية المعظمة للأجر عند الله تعالى والمقربة اليه جل وعلا. وكانت طباعته لاول مرة في سنة 1950 وقد اعيدت طباعته في العراق فقط اكثر من أربعين مرة، اما في لبنان وايران فمما يصعب على المتتبع حصره.

جامع ومدرسة الجوهرجي:
ومن الأعمال المهمة التي تسجل في مسيرة الجوهرجي الخالدة هي تأسيس مدرسة الجوهرجي في محلة الأمير غازي والتي سميت بمحلة (الجديدة) فيما بعد، وتطل المدرسة على الشارع المعروف بشارع المدينة، والشارع المؤدي الى سوق المناخة، انتهى من تشييدها عام 1382هـ وهي تضم (25) غرفة.
أما مسجد الجوهرجي فهو يقع في شارع المدينة حاليا وقد فرغ من تشييده عام1382هـ وقد ارخ انشاءه الشاعر محمد جواد مطر بأبيات مثبتة في مقدمته في جهة باب المسجد بالقاشاني:
صالح ما أسس مسجدا هنا     الا وفي الجنة بيتا اسسا
فقلت في التاريخ (زره انه      مسجد على التقى تأسسا)

فضلا عن انه قد جعل الطابق العلوي منه مدرسة دينية.

إعماره للعتبات المقدسة:
أما ما يتعلق بخدمته للعتبات المقدسة فقد ساهم الجوهرجي في هذا المجال مساهمة فاعلة وبارزة، فإن سجله يحتوي على صفحات مضيئة كالتطوع في خدمة الروضة الحيدرية والقيام بجلي وتنظيف طلاء الذهب والفضة على القبة والمآذن والأواوين فضلا عن شباك الروضة المقدسة وصندوق الضريح الطاهر للإمام علي (عليه السلام).

وله مساهمة فاعلة في ترميم مرقد الإمام الرضا (عليه السلام) اثر تعرضه للقصف من قبل القوات السوفيتية في اثناء الحرب العالمية الثانية عام 1946م. وساهم في تشييد مرقد الصحابي سعيد بن جبير قرب مدينة الكوت. كذلك ساهم في تشييد مرقد الشهيد رشيد الهجري قرب ناحية الكفل. وكان له حظ في تعمير مرقد السيدة زينب (عليها السلام) في الشام عام 1952. وأسهم في تعمير مرقد مقام رأس الحسين (عليه السلام) في القاهرة عام 1955م. كما قام بتعمير وصيانة مرقد اولاد مسلم بن عقيل عليهم السلام. وساهم في اعمار مرقد الحمزة الغربي في الحلة واعمار مرقد القاسم ابن الإمام الكاظم (عليه لسلام ) في ناحية القاسم بالحلة. فضلا عن مشاركته بنفقات تصليح الصندوق الخاتم للمرقد العلوي المطهر ومن ثم تغليفه بالزجاج عام 1361هـ.
توفي المرحوم الجوهرجي سنة 1397هـ ــ 1977م فرحمه الله تعالى وغفر له، وأسكنه فسيح جناته انه نعم المولى ونعم النصير.

نشرت في الولاية العدد 79