للدعاء شروط ومؤهلات تؤثر في استجابته، ومن أهمها إخلاص النية ومراعاة الزمان والمكان، والوعد الإلهي الصادق باستجابة الدعاء خصوصا عند الحاجة والاضطرار فقال تعالى: (أمَّنْ يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء..)(سورة النمل:24).
ولنتأمل موقف ودعاء السيدة العفيفة والمؤمنة فاطمة بنت أسد عند أحد
أركان البيت الحرام حين قربت ولادة نور الولاية والإمامة علي(عليه
السلام).
فالداعي
دعا بقلب سليم ونية خالصة وطاهرة وانقطاع إلى الله تعالى وحاجة ماسة
جدا، مع خصيصة فضائل ومكرمات مولودها.
والمكان
هو أفضل بقاع الأرض، وأول بيت وضع للناس، قال تعالى: (إن أول بيت
وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين فيه آيات بينات مقام
إبراهيم ومن دخله كان آمنا..) (سورة آل عمران:96- 97
).
والمضمون
والمحتوى والمأثور من الدعاء: (أي يا رب أنا مؤمنة بك وبما جاء به
من عندك كل نبي من أنبيائك وبكل كتاب أنزلته وإني مصدقة بكلام جدي
إبراهيم الخليل، وأنه بنى بيتك العتيق، فأسألك بحق هذا البيت ومن
بناه وبهذا المولود إلا ما يسرت علي ولادتي..)(أمالي الطوسي:ص304؛
بحار الأنوار:35 /38).
هذا
هو الفكر البليغ عند أم أمير المؤمنين (عليهما السلام) موعظة لكل
النساء في الايمان والخلق والتواضع وعلاقة الزوجية فهي المرأة
المثالية في تجسيد الواقع العملي والأسري.
لتقدير
الأمهات المؤمنات بهذا الإيمان والتقوى عند أم علي (عليهما السلام)
المتأصل فيها والنابع من اليقين الثابت بالحق: (الإقرار بالإيمان
بالله والانقطاع إليه والإخلاص بالعمل والتوكل عليه والاعتقاد بصدق
الأنبياء والكتب المنزلة من الله عليهم والتصديق بنبوة إبراهيم
الخليل(عليه السلام) ونبوة سلسلة الأنبياء من أولاده وعظمة حق
المولود الذي سيطهر البيت الحرام من الأصنام، وبه تقضى الحاجات
وعنده يستجاب الدعاء وتكشف الكربات وتحل
المشكلات).
إذ
ورد بحقه (سلام الله عليه) عن أبي عبد الله(عليه السلام) أنه قال:
إن إلى جانب كوفان قبرا ما أتاه مكروب قط فصلى عنده ركعتين أو أربع
ركعات إلا نفس الله عنه كربته وقضى حاجته..).(تهذيب الأحكام:ج6
ص35)
به
يسر الله لفاطمة بنت أسد الولادة في أفضل مسجد ومكان خص به، نسأل
الله أن يقضي حاجة كل محتاج ويشفي كل مريض ويرد كل غريب ويفرج عن كل
مكروب.
والمؤمن
يدعو: (..جئتك عارفا بحقك، مستبصرا بشأنك، معاديا لأعدائك ومن ظلمك،
ألقى على ذلك ربي إن شاء الله، ياولي الله إن لي ذنوبا كثيرة فاشفع
لي إلي ربك، يامولاي فان لك عند الله مقاما معلوما، وإن لك عند الله
جاها وشفاعة، وقد قال الله تعالى: ( ولايشفعون إلا لمن ارتضى ) (
سورة الأنبياء:38 ) ( كامل الزيارات:95
).
من
هنا يتبين أهمية الحامل والمحمول والمكان والزمان الذي بزغ فيه نور
الحق، وهنا المؤمنون يتشرفون بأعتاب مرقده الطاهر ومشهده المقدس،
مرقد الرجل الذي ولد في المسجد وقتل في المسجد، ولد في موضع لم يولد
فيه احد سواه، لا من قبله ولا من بعده حتى جاء في زيارته: (السلام
على خالص الأخلاء، السلام على المولود في الكعبة والمزوج في السماء،
السلام على المخصوص بالطاهرة سيدة النساء..)(المزار –
المشهدي:257).
في
تلك السنة تهلهل نور علي (عليه السلام) وتسمى سنة الخير والبركة وما
حدث فيها من الكرامات عند ولادته في يوم الجمعة المبارك 13 من شهر
رجب الأصب بعد مرور ثلاثين عاما على حادثة الفيل.
ونسأل
الله أن يوفقنا لننال شفاعتهم ومحبتهم والاقتداء بسيرتهم
المباركة.
نشرت في الولاية العدد 81
اكثر قراءة