akdak

المقالات

قسم الاقتصاد

دليل أزمة شركات التكنولوجيا الكبرى

219

ALEXANDRA BORCHARDT

أوكسفورد - كانت التوقعات خاطئة: فالاقتصاد العالمي لم ينهار بعد الأزمة المالية عام 2008. ومع استمرار عمليات الإنقاذ المالي من جانب دافعي الضرائب، استعادت البنوك عافيتها واستقرت الأعمال في معظم المؤسسات. ولكن الأزمة الوحيدة لهذا العصر، تتمثل في تراجع الثقة العامة في القطاع المالي. بعد مرور عشر سنوات على بداية الأزمة، لا يزال الرأي العام لا يثق في وول ستريت.

واليوم، تؤثر أزمة ثقة مماثلة على صناعة التكنولوجيا. بينما يبرر المديرون التنفيذيون في شركة فيسبوك وكمبردج أنليتيكا إساءة استخدام شركاتهم للبيانات الشخصية، فإن الثقة في شركات التكنولوجيا قد وصلت إلى مرحلة حرجة. لا يزال بإمكان "شركات التكنولوجيا الكبرى" الحفاظ على سمعتها، لكن شركاتها الأقوى ستضطر إلى تغيير نمط عملها بشكل جذري. للقيام بذلك، يجب عليها تجنب الأخطاء التي كادت تقضي على القطاع المالي قبل عقد من الزمن.

من شأن خمسة دروس رئيسية من الأزمة المالية أن توجه عملية صنع القرار في قطاع التكنولوجيا الحالي.

أولاً، سوف يكون المستوى المنخفض لفهم المستهلك مكلفًا. قبل انفجار فقاعة الإسكان بوقت قصير، أدرك العديد من المستثمرين أنهم لم يكن لديهم أدنى فهم للمنتجات التي كانوا يشترونها؛ البعض لم يكونوا على علم حتى بشراء هذه المنتجات. ساهمت الصحافة المالية في هذا الجهل من خلال التركيز فقط على المكاسب المحتملة، مع تجاهل المخاطر.

يتفاعل الناس مع التكنولوجيا بطرق مماثلة. إن الشركات والحكومات على استعداد لتوصيل جميع عملياتها إلى منصات لا يمكنها السيطرة عليها. وفي حال وجود أي شك، عادة ما يكون ضعيفا، لأن التكنولوجيا مريحة للغاية بحيث لا يمكنك الاستغناء عنها. ولكن كما هو الحال مع المنتجات المالية المحفوفة بالمخاطر، فإن الطريقة الوحيدة للتخفيف من مخاطر التكنولوجيات الجديدة هي أن تكون على علم تام بما قد يحدث من خطأ.

يتمثل الدرس الثاني في التكاليف الخفية المضافة. قبل الأزمة المالية، قام العديد من العملاء ببيع المنتجات بتكاليف لم يتم الكشف عنها، إلى جانب التبعات المالية التي أدت إلى متابعات. وفي الوقت الراهن، يدرك عدد أكبر من المستثمرين أن ارتفاع العوائد ينطوي على مخاطر أكبر، ولكن في شركات التكنولوجيا، لا تزال التكاليف الخفية تعوق المستهلكين الواثقين. بعض هذه التكاليف اجتماعية - مثل ضغوط المعلنين لشراء المنتجات. والبعض الآخر أكثر واقعية، مثل إعطاء البيانات الشخصية في مقابل الوصول إلى الخدمة.

ثالثًا، إن الأجور غير المتكافئة والهياكل التحفيزية، سيئة للأعمال. لقد كُتب الكثير عن المكافآت الاستثنائية التي دفعت إلى المصرفيين الاستثماريين في ذروة الأزمة المالية. لكن المديرين التنفيذيين في مدينة سيليكون فالي ليسوا الأسطوري الخارج عن القانون روبن هود. يمكن لرواد الأعمال في مجال التكنولوجيا إخبار مستثمريهم بأنهم يريدون تغيير العالم ، لكن الكثيرين منهم مهووسون بفكرة أن العالم سيكون أفضل عندما يبيعون أعمالهم لمن يدفع أكثر.

رابعاً، تتحمل الشركات التي يهيمن عليها الذكور المزيد من المخاطر غير الضرورية. عندما تمت كتابة تاريخ الأزمة المالية، ظن الكثيرون بأن التنوع الأكبر بين الجنسين كان من شأنه أن يخفف من المخاطر. وفي عام 2010، بعد مرور عامين على انهيار بنك ليمان براذرز، قالت كريستين لاجارد وزيرة المالية الفرنسية آنذاك، إن الأزمة ستكون أقل إيلاما لو كانت "أخوات ليمان براذرز" تدير المتجر. نفس المنطق ينطبق اليوم على قطاع التكنولوجيا.

أخيراً، وكما تعلمنا قبل عقد من الزمان، فإن الاقتصاد العالمي مترابط تماماً: حتى المصارف الكبرى يمكن أن تفشل أو أن يتم إنقاذها. هذا ينطبق أيضا على أكبر شركات التكنولوجيا. قد يكون لانهيار الأمازون أو غوغل - مهما بدا ذلك غير محتمل - تأثيرات موجعة مدمرة. وبينما يزعم الكثيرون أنه من غير الحكمة تنظيم شركات التكنولوجيا بهدف الرقابة والوصول إلى المعرفة، لان هذه الشركات، مثل نظيراتها في القطاع المالي، قد أصبحت أكبر من أن تترك لأجهزتها الخاصة.

وفي العقد الموالي لاندلاع الأزمة المالية، ساعدت التغييرات الهيكلية على استقرار القطاع المصرفي وقطاع الخدمات المالية. كما زادت اللوائح التنظيمية من الشفافية وعملت على تحسين الوعي لدى المستهلك. لكن الديناميكيات القديمة وهياكل السلطة ومقاييس الأجور المتضخمة نجت إلى حد كبير. ونتيجة لذلك، لا تزال سمعة القطاع في حالة يرثى لها.

ولكي تتفادى صناعة التكنولوجيا مصيرا مماثلا، يجب على قادتها زيادة وعي المستهلكين بشأن المنتجات التي يقدمونها - والمخاطر المحتملة التي يمثلونها. يجب على المديرين التنفيذيين دعم اللوائح التنظيمية، وزيادة التنوع في أماكن العمل، وجعل هياكل التعويضات والحوافز أكثر إنصافًا. وفوق كل شيء، على قادة التكنولوجيا تجنب الأخطاء التي ارتكبتها الصناعات الأخرى أثناء إدارة الأزمات. لا تقدم أي صناعة دراسة حالة أكثر ملائمة من تلك التي كادت تقضي على الاقتصاد العالمي.

* ألكسندرا بورشاردت، مديرة التطوير الاستراتيجي في معهد رويترز لدراسة الصحافة