المقالات
قسم التأريخ
جريمة إبادة الأرمن والكابوس الذي يخنق تركيا
على الرغم من مرور 100 عام على أشهر مذبحة في التاريخ ارتكبها الأتراك ضد الأرمن في الرابع والعشرين من أبريل/نيسان عام 1915، لاتزال تركيا ترفض حتى الآن الاعتراف بأن المجازر التي راح ضحيتها 1,5 مليون قتيل جريمة ابادة جماعية، ومن المعترف به على نطاق واسع في العالم وكما تذكر بعض المصادر، أن مذابح الأرمن تعتبر من جرائم الإبادة الجماعية الأولى في التاريخ الحديث، والباحثون يشيرون بذلك إلى الطريقة المنهجية المنظمة التي نفذت من عمليات قتل هدفها القضاء على الأرمن، وهو ما يشكل مصدر قلق كبير للنظام اردوغان خصوصا وان إحياء الذكرى المئوية للإبادة الأرمنية، ترافقت مع بيانات ومواقف دعت تركيا إلى الإقرار بمسؤوليتها عن الجريمة وتحمّل تبعاتها المادية والمعنوية. وهو ما ترفضه تركيا بشكل قطعي وتؤكد أن عدد الأرمن الذي قضوا في تلك الفترة يقارب نصف مليون، وأنهم قضوا نتيجة للجوع أو في معارك وقفوا فيها مع روسيا، عدوة السلطنة العثمانية، في الحرب العالمية الأولى.
ويفسر مدير مركز الشرق للدراسات الإقليمية والاستراتيجية، مصطفى اللباد، وبحسب موقع سكاي نيوز، ذلك بقوله "في حال اعترفت تركيا بالمذابح سيكون لزاما عليها صرف تعويضات قد تفوق مائة مليار دولار"، مشيرا إلى التاريخ الطويل لإنكار الأتراك لمذابح الأرمن سواء قبل أو بعد إعلان الجمهورية التركية عام 1923. وأضاف اللباد " أن الكتلة الأرمينية الأساسية، التي تم ترحيلهم أو إبادتهم، كانت موجودة في شرق تركيا، وبعد خسارة تركيا في الحرب العالمية الأولى عام 1918 وقعت معاهدة مودروس ثم معاهدة سيفر التي أعطت الأرمن شبه حكم ذاتي في هذه المنطقة". وتابع اللباد "في حال اعترفت تركيا بأنها ارتكبت مذابح سيكون لزاما عليها صرف "تعويضات بالأراضي" في شرق تركيا للأرمن، إلى جانب التعويضات المادية، ومن الممكن في هذه الحالة أن يكون هناك تواصل بين حدود أرمينيا وبعض الأراضي التركية في الشمال الشرقي وفي الشرق، وهذا بالطبع سيهدد وحدة الأراضي التركية"، على حد قوله.
من جانب اخر يرى بعض المراقبين ان بوادر ازمات سياسية جديدة تلوح في الافق بسبب اعتراف دول جديدة بهذه الجريمة، وقد اعترفت 20 دولة من بينها إيطاليا وروسيا وفرنسا، و42 ولاية أميركية قبل عام 2015، رسميا بوقوع المجازر كحدث تاريخي، وفي 4 مارس/آذار 2010، صوتت لجنة من الكونجرس الأميركي بفارق ضئيل بأن الحادث كان في الواقع "إبادة جماعية"، إلا أنه في غضون دقائق أصدرت الحكومة التركية بيانا تنتقد "هذا القرار الذي يتهم الأمة التركية بجريمة إبادة".
وتعترف بعض المنظمات الدولية رسميا بـ"الإبادة الأرمنية" مثل الأمم المتحدة والبرلمان الأوروبي ومجلس أوروبا ومجلس الكنائس العالمي ومنظمة حقوق الإنسان وجمعية حقوق الإنسان التركية. من جانبها، تصر تركيا على أن سبب وفاة الأرمن هي ظروف الحرب والتهجير، وتم تمرير الفقرة 301 في القانون التركي في عام 2005 يجرم فيه الاعتراف بالمذابح في تركيا. يذكر أن هناك أكثر من 135 نصب تذكاري، موزعة على 25 بلدا، تخليدا لذكرى "الإبادة الجماعية" للأرمن.
وفي هذا الشأن فقد أيد البرلمان الأوروبي قرارا يصف المذبحة التي جرت قبل قرن من الزمان وراح ضحيتها زهاء 1.5 مليون أرمني بأنها إبادة وذلك بعد بضعة ايام من استخدام البابا فرنسيس نفس المصطلح. وعلى الرغم من أن القرار يكرر عبارات تبناها البرلمان في عام 1987 إلا أنه قد يزيد من حدة التوتر مع تركيا التي قال رئيسها طيب اردوغان حتى قبل إجراء التصويت إنه سيتجاهل نتيجته. وبعد التصويت اتهمت وزارة الخارجية التركية البرلمان بمحاولة إعادة كتابة التاريخ.
وأيد أعضاء البرلمان الأوروبي برفع الأيدي وبأغلبية كاسحة القرار الذي يقر بأن "الأحداث المأساوية التي جرت في الفترة 1915 - 1917 ضد الأرمن في أراضي الامبراطورية العثمانية تمثل إبادة جماعية." وانبرى البرلمان الأوروبي للدفاع عن البابا فرنسيس مؤيدا رسالته التي ألقاها. وأصبح البابا أول رئيس للكنيسة الكاثوليكية يصف قتل الأرمن علنا بأنه "إبادة جماعية". بحسب رويترز.
وتركيا مرشحة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي المؤلف من 28 دولة لكن محادثات الانضمام للاتحاد تتعثر على مدى سنوات دون إحراز تقدم يذكر. وكان إردوغان قال في وقت سابق إن تركيا لن تأبه بتصويت البرلمان الأوروبي بهذا الشأن. واضاف اردوغان "ايا كان القرار الذي سيتخذه البرلمان الأوروبي بشأن مزاعم الإبادة الجماعية للأرمن فإنه سيدخل من أذن ويخرج من الأخرى." وأضاف أنه لن تكون هناك بقعة تلوث تركيا وتعرف باسم الإبادة الجماعية. وقالت وزارة الخارجية التركية في بيان صدر بعد التصويت إن المشرعين الذين أيدوا القرار يشاركون "أولئك الذين لا علاقة لهم بالقيم الأوروبية ويعملون على تغذية الكراهية والانتقام وثقافة الصراع."
من جانب اخر تراجعت الحكومة الألمانية عن موقفها الثابت في رفض استخدام تعبير "إبادة جماعية" في وصف مذبحة ما يصل إلى 1.5 مليون أرمني على يد القوات العثمانية التركية بعد أن فرض أعضاء متحمسون في البرلمان الأمر. وفي تراجع كبير من جانب أهم شريك تجاري لتركيا في الاتحاد الأوروبي والذي يعيش فيه ملايين الأتراك ستنضم ألمانيا إلى دول ومؤسسات أخرى في استخدام التعبير الذي استنكره الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.
وقال شتيفين زايبرت المتحدث باسم المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إن الحكومة ستؤيد اتخاذ قرار في البرلمان يصف هذا الحدث بأنه مثال للإبادة الجماعية. وتقاوم ألمانيا منذ وقت طويل استخدام تعبير "الإبادة الجماعية" على الرغم من أن فرنسا ودولا أخرى استخدمته. ولكن الحكومة الائتلافية الألمانية تعرضت لضغط من جانب نواب في البرلمان يعتزمون استخدام التعبير في مشروع قرار.
وأضاف زايبرت "الحكومة تؤيد مشروع القرار.. الذي يشكل فيه مصير الأرمن خلال الحرب العالمية الأولى مثالا على تاريخ أعمال القتل الجماعية والتطهير العرقي والطرد.. ونعم.. الإبادة الجماعية خلال القرن العشرين." وتنفي تركيا أن أعمال القتل تلك التي وقعت حينما كانت القوات التركية تقاتل القوات الروسية تشكل إبادة جماعية. وتقول إنه لم تكن هناك حملة منظمة لإبادة الأرمن وما من دليل على صدور أي أوامر كهذه من جانب السلطات العثمانية.
وردا على سؤال عن مشروع القرار الألماني قال بولنت أرينك نائب رئيس الوزراء التركي "نعتقد أنه لا توجد بقعة سوداء كهذه في تاريخنا." ولكن فيما يبدو نبرة تلطيف قال رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو إن الأرمن العثمانيين سيقام لهم حفل تأبين ديني في البطريركية الأرمنية في إسطنبول وصف بأنه واجب "تاريخي وإنساني على تركيا". وقال مصدر في مكتبه إن الاحتفال سيحضره وزير حكومي. وهي خطوة لم يسبق لها مثيل.
ورفض وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير استخدام تعبير الإبادة الجماعية خلال مقابلة مع محطة تلفزيون (إيه.آر.دي) ونفى أن يكون تجنب الكلمة سببه عدم إغضاب تركيا. وأضاف "لا يمكن اختزال المسؤولية في تعبير واحد." وفرض أعضاء في البرلمان عن الحزب الديمقراطي المسيحي المحافظ وحلفائهم الديمقراطيين الاشتراكيين هذا التغيير. بحسب رويترز.
ويقول محللون إن هذا التردد حتى الآن من جانب ألمانيا سببه مخاوف من إغضاب تركيا و3.5 مليون ألماني من أصل تركي أو الأتراك المقيمين في ألمانيا. وعملت ألمانيا جاهدة لتجاوز أزمة المحارق النازية التي هي مسؤولة عنها. ولم ترد الحكومة الألمانية أيضا استخدام التعبير بسبب مخاوف من المطالبة بوصف مذابح هيريرو التي ارتكبتها القوات الألمانية عامي 1904 و1905 فيما صار الآن ناميبيا بأنها إبادة جماعية. وهو ما سيقود إلى مطالبات بالتعويض. وقالت أياتا بيلجين أستاذة العلوم السياسية في جامعة برلين المفتوحة "إنه تناقض صادم من جانب الحكومة الألمانية أن تنكر ألمانيا الإبادة الجماعية بحق الأرمن.. أظهرت البحوث أن الضغوط الخارجية على الدول قد يكون لها تأثير كبير.. وقد تلعب ألمانيا دورا مهما للغاية في هذا النقاش بشأن تركيا."
على صعيد متصل طالب البيت الابيض باعتراف "كامل وصريح وعادل" بالمجازر التي تعرض لها الارمن في عهد السلطنة العثمانية ابان الحرب العالمية الاولى ولكنه تجنب في الوقت نفسه استخدام مصطلح "الابادة الجماعية" لوصف هذه المجازر التي راح ضحيتها بحسب يريفان مليون ونصف المليون ارمني. وقالت الرئاسة الاميركية في بيان ان دنيس ماكدونو كبير موظفي البيت الأبيض وبن رودس مستشار السياسة الخارجية للرئيس باراك أوباما التقيا وفدا من الارمن الاميركيين وتباحثا معه في الذكرى المئوية الاولى للمجازر.
واوضح البيان ان ماكدونو ورودس اكدا على "اهمية هذه المناسبة لتكريم 1,5 مليون" ارمني قضوا "خلال تلك الفترة المروعة". من جهتها التقت مستشارة الرئيس الاميركي لشؤون الامن القومي سوزان رايس وزير الخارجية التركي مولود جاوش اوغلو الذي يزور واشنطن وحضته على "تحسين" العلاقات بين انقرة ويريفان وكذلك ايضا على اطلاق حوار مفتوح في تركيا حول "فظائع 1915"، بحسب ما اعلن البيت الابيض في بيان. بحسب رويترز.
وكان الرئيس باراك اوباما وعد خلال حملته الانتخابية للسباق الرئاسي في 2008 بأن يعترف بالابادة ولكنه حين اصبح رئيسا لم يف بوعده ولم يأت على لسانه كرئيس يوما هذا اللفظ، ولا سيما في البيانات التي تصدر سنويا في ذكرى المجازر الارمنية. وفي 2014 وصف أوباما المجازر التي تعرض لها الارمن ب"واحدة من اسوأ فظائع القرن العشرين". بالمقابل، يعترف الكونغرس الاميركي بالابادة الارمنية منذ وقت طويل وذلك بموجب قرارين اصدرهما مجلس النواب في 1975 و1984. وفي العام 1981 وصف الرئيس الاميركي في حينه رونالد ريغن المجازر الارمنية ب"الابادة".
في السياق ذاته كانت نزهة إليفتوس طفلة عندما اكتشفت مجموعة من الصور مخبأة في خزانة قديمة وباحت لها جدتها بالسر. بعض تلك الصور ظهر فيها شقيقاها المسيحيان اللذان هلكا في أعمال قتل جماعية وقعت في جنوب شرق تركيا خلال الحرب العالمية الأولى. وعلى مدى ما يقرب من 40 عاما حاولت إليفتوس كتمان سر جدتها ظريفة أنها ولدت هي أيضا أرمنية ومسيحية وليست كردية مسلمة مثل جيرانها في قرية أونبسيلر الواقعة في التلال الصخرية بمحافظة ديار بكر التركية.
وقالت إليفتوس (48 عاما) التي ظهر من وراء وشاح أبيض غطت به رأسها أن الشيب بدأ يغزو شعرها "لكنهم كانوا يعرفون. كانوا يهينوننا وينعتوننا بأننا كفار." والآن أصبحت إليفتوس على استعداد للحديث عن الأصول الأرمنية لأسرتها مع تغير الاتجاهات في المجتمع الكردي إذ تقول "الآن أصبح الأكراد أصدقاء للأرمن وأنا فخورة بانتمائي للطرفين." وبعد مرور قرن من الزمان على مقتل شقيقي ظريفة ومئات الآلاف من الأرمن على أراضي تركيا العثمانية بدأت قصص مثل قصة إليفتوس تخرق جدار الصمت بين الأكراد الذين يشكلون 20 في المئة من سكان تركيا.
ويساهم الأكراد في بناء الكنائس وترشيح بعض الأرمن في الانتخابات العامة والاعتذار عما ارتكبه أجدادهم الذين شاركوا في المذابح مقابل وعود بتملك عقارات تخص الأرمن في الدنيا وبدخول الجنة في الآخرة لقتلهم الكفار. ويعترف الأكراد بأن المذابح كانت عملا من أعمال الإبادة الجماعية على النقيض من بقية البلاد إذ يرفض أغلب الأتراك تأكيدات الأرمن. وتجدد النزاع عندما وصف البابا فرنسيس المذابح بأنها إبادة جماعية ما دفع تركيا لاستدعاء سفير الفاتيكان واستدعاء سفيرها من الفاتيكان. وأغضب ذلك الرئيس رجب طيب إردوغان وأشار ضمنا إلى أنه كان بوسعه أن يأمر "بترحيل" 100 ألف أرمني يعيشون الان في تركيا. واختيار الكلمات هنا له دلالته إذ أن أغلب الأرمن الذين سقطوا قتلى في تركيا العثمانية قتلوا خلال ترحيلهم إلى الصحراء السورية. ومع ذلك نجا البعض وغيروا أسماءهم وديانتهم وثقافتهم لإخفاء أصلهم. وقال تانر أكجام وهو خبير تركي في الإبادة الجماعية يندر أن يوجد مثله وأستاذ للتاريخ بجامعة كلارك في ماساتشوستس إن عددا يصل إلى 200 ألف أرمني اندمجوا في المجتمع للبقاء على قيد الحياة.
وربما يصل عدد أحفادهم في تركيا الان إلى مليون أو أكثر رغم أن العدد غير معروف على وجه الدقة. وأغلب هؤلاء "الأرمن الذين أدخلوا في الإسلام" كانوا فتيات صغيرات السن اتخذهن أتراك زوجات ثانيات أو أطفالا يتامى مثل ظريفة التي كان عمرها 12 عاما في 1915. وشاهدت ظريفة بنفسها اصطفاف مسلحين وإطلاقهم النار على سبعة من أقاربها قبل أن تفر إلى التلال حيث عثر عليها جد إليفتوس الذي كان جنديا. وعهد الجندي بظريفة إلى عائلة كردية وعندما عاد تزوجها بعد أن أصبحت مسلمة.
وقالت إليفتوس "لم تكن تريد أن تروي حكايتها. كانت لا تزال خائفة وتشعر بالعار. فقبلت يديها وتوسلت إليها أن تحكي لي." وقال الكردي عبد الله دميرباش رئيس بلدية منطقة سور القديمة في مدينة ديار بكر إن مثل هذه الشهادات تزيد من صعوبة إنكار التاريخ في جنوب شرق البلاد. وكان ثلث سكان ديار بكر في وقت من الأوقات من الأرمن وأصبحت المدينة مركزا لأعمال القتل في الحرب العالمية الأولى.
وقال دميرباش إن الأكراد بدأوا يعترفون بما لحق بالأرمن بعد الثمانينات والتسعينات من القرن العشرين عندما تقاتل الجيش التركي والمتشددون الأكراد في المنطقة. وقتل في تلك الحرب حوالي 40 ألفا معظمهم من الأكراد قبل إعلان وقف اطلاق النار عام 2012. وقال دميرباش وهو يقف خارج كنيسة سان جيراجوس التي يرجع تاريخها للقرن التاسع عشر وتم ترميمها عام 2011 بمساعدة من المدينة "لهذا السبب كان الشعور بالتأنيب. فلو لم نكن حمقى لما حدث ذلك لنا." وكانت كنيسة سان جيراجوس أكبر كنائس الأرمن في الشرق الأوسط تخدم رعية يتضاءل عدد أفرادها شيئا فشيئا حتى رحل آخر قس عام 1985. والآن ظهر في ديار بكر 300 أو أكثر من نسل الناجين واعتنق عدد قليل منهم المسيحية.
وخلال قداس في عيد القيامة بالكنيسة الواقعة في أزقة مدينة سور تناول 40 شخصا الأسرار المقدسة على يدي قس أرسلته البطريركية في اسطنبول. ويمثل ذلك جزءا من مصالحة أوسع نطاقا بين الأكراد والأرمن. فعلى النقيض من بقية مكونات البرلمان التركي يعترف حزب الشعب الديمقراطي المؤيد للأكراد بأن المذابح كانت إبادة جماعية. وجارو بايلان (42 عاما) واحد من ثلاثة أرمن مرشحين على قوائم حزب الشعب الديمقراطي في الانتخابات العامة التي تجري في يونيو حزيران عسى أن يصبح للأرمن أول من يمثلهم منذ نصف قرن. كذلك فإن كل حزب من أكبر حزبين في الساحة السياسية رشح أرمنيا في الانتخابات. ويبلغ عدد الأرمن المسيحيين الذين يعيشون في تركيا الآن نحو 60 ألفا.
ويقول بايلان إن صحوته السياسية ترجع إلى عام 2007 عندما أطلق مراهق مسلح النار على هرانت دينك رئيس تحرير صحيفة آجوس الأرمنية وظهر فيما بعد أن صلات تربط هذا المراهق بقوى الأمن. وقال بايلان إن هرانت كان يحاول تسليط الضوء على الإبادة الجماعية. وبعد مقتله أوقفت الحكومة محاكمة من يستخدم مصطلح الإبادة الجماعية. وظهرت للوجود أحداث ثقافية عن العام 1915 وترجمت عشرات الكتب التي نشرت في الخارج إلى اللغة التركية.
خفت حدة لهجة الحكومة تجاه الأرمن وفي العام الماضي نعى إردوغان من سقطوا قتلى. ويعتقد الأتراك أن وصف المذابح بالإبادة الجماعية سيعني الاعتراف بكذبة تاريخية. ويقولون إنه لا يوجد دليل على أن السلطات المركزية أمرت بالعنف وهي نقطة حاسمة لأن الرجال الذين أسسوا تركيا الحديثة خدموا الامبراطوية في السابق.
وقال أكجام "سيتعين علينا أن نقبل أن عددا كبيرا من آبائنا المؤسسين شاركوا في الإبادة الجماعية أو أثروا من السلب والنهب. ومن الصعب جدا على أي شعب أن يعلن أن أبطاله المحررين كانوا قتلة ولصوصا." وأضاف أن من العوامل الرادعة أيضا المخاوف من أن تطالب جماعات أخرى مثل الأشوريين واليونان بالاعتراف بأنها تعرضت لأعمال إبادة جماعية وكذلك مخاوف مما قد ينتج عن ذلك من المطالبة بتعويضات باهظة. بحسب رويترز.
وخلال الفترة القليلة السابقة رفع المحامي جيم سوفو أوغلو دعوى باسم أحد موكليه يطالب بالاطلاع على أرشيف الدولة للبحث عن ممتلكات في مدينة فان الشرقية التي قتل فيها أغلب أفراد عائلته عام 1915. وقال الموكل إنه علم من جده أن جذور الأسرة أرمنية وإنه تم الاستيلاء على ممتلكاتها في مدينة فان. واكتشف الموكل أن شقيقة جده التي هربت من فان عام 1915 جردت من الجنسية عام 1964 بعد وفاتها. ونجحت مساعيه في إعادة الجنسية لاسمها لكنه حرم من امكانية الاطلاع على وثائق يمكن أن تثبت وجود ممتلكات. وقال "ماتت وحيدة في قبر للمساكين... ربما لا يعترفون أبدا بالإبادة الجماعية لكنهم لا يستطيعون إنكار وجود عائلتي. فأنا شاهد على ذلك."
على صعيد متصل قال رئيس أرمينيا انه مستعد لتطبيع العلاقات مع تركيا رغم انه سحب اتفاقات سلام من البرلمان ملقيا باللوم على افتقار تركيا للارادة السياسية لانهاء 100 عام من العداوة. وقال سيرج سركسيان إنه لا ينبغي وجود شروط مسبقة لاستئناف عملية السلام وانه لن يصر على قبول الاتراك انهم ارتكبوا عملية ابادة.
واضاف سركسيان لمجموعة من الصحفيين الأجانب أنه "يجب في نهاية اليوم أن نقيم علاقات طبيعية مع تركيا.. واقامة هذه العلاقات الطبيعية يجب أن يكون بدون أي شروط." ووقعت ارمينيا التي يبلغ عدد سكانها 3.2 مليون نسمة اتفاقات مع تركيا في اكتوبر تشرين الأول 2009 لاقامة علاقات دبلوماسية وفتح حدودهما البرية لكن الاتفاقات اصابها الجمود في برلماني البلدين واتهم كل طرف الآخر بمحاولة اعادة كتابة النصوص ووضع شروط جديدة.
ويمكن ان يحقق الاتفاق مكاسب اقتصادية هائلة لأرمينيا كدولة حبيسة وان يعزز مؤهلات تركيا كدولة مرشحة لعضوية الاتحاد الأوروبي ويدعم نفوذها في منطقة جنوب القوقاز الاستراتيجية. وقال سركسيان إن عملية المصالحة يمكن ان تستأنف "حين تكون القيادة التركية مستعدة لاقامة علاقات طبيعية بدون أي شروط مسبقة". وأضاف أنه سحب الاتفاقات من البرلمان ليبعث "برسالة سياسية" الى تركيا. وقال إن "التصديق على البروتوكولات شيء نريده لكن رقصة التانجو تحتاج اثنين ولا يعتمد الأمر علينا وحدنا." بحسب رويترز.
الى جانب ذلك قال رئيس الوزراء التركي، أحمد داوود أوغلو، إن بلاده "تشاطر آلام" الأرمن الذين قُتل أسلافهم منذ 100 عام في الامبراطورية العثمانية. وأضاف أوغلو أن مدينة اسطنبول ستحتضن لأول مرة مهرجانا لإحياء ذكرى مقتل الأرمن. وبالرغم من هذا مازالت تركيا تعترض على وصف مقتل الأرمن بأنه "إبادة جماعية". وأوضح أوغلو أنه على الرغم من تصريحه التصالحي، فإن تركيا لن تقبل بتسمية ما حدث بالإبادة الجماعية.
وقال "اختصار كل شيء في كلمة واحدة، وإلقاء المسؤولية كلها على الأمة التركية وحدها من خلال التعميم يثير إشكالا قانونيا وأخلاقيا". واعترف أوغلو بترحيل الأرمن، قائلا "إننا مرة أخرى نتذكر باحترام ونشاطر آلام أحفاد وأبناء العثمانيين الأرمن، الذين لقوا حتفهم خلال الترحيل في عام 1915". ويعتبر غالبية غلب العلماء غير الأتراك أن مقتل الأرمن، الذي حدث في المنطقة الشرقية من تركيا الحالية، إبادة جماعية. ويُطلق هذا الوصف بصفة رسمية في الأرجنتين وبلجيكا وكندا وفرنسا وإيطاليا وروسيا وأوروغواي. وتقول تركيا إن الكثيرين من القتلى لقوا حتفهم في اشتباكات خلال الحرب العالمية الأولى، وإن الأتراك عانوا أيضا خلال النزاع.
اكثر قراءة